(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نستبطئ الإجابة من الله تعالى، ولا نقول دعونا فلم يستجب لنا لأن في ذلك سوء ظن بربنا.
وقد بلغنا أن داود عليه السلام استبطأ إجابة دعائه على من ظلمه فأوحى الله تعالى إليه:
يا داود إنما أبطئ إجابة دعائك لأعاملك بنظير ذلك إذا ظلمت أحدا ودعا عليك.
مع أن قول العبد دعوت الحق فلم يستجب لي قوله قلة حياء وقلة أدب وكذب من حيث لا يشعر، فإن الإجابة في الحقيقة من الله هي قوله تعالى للعبد لبيك إذا قال يا الله وهذا لا بد منه لكل داع، فليس المراد بالإجابة قضاء الحاجة فوق ما يتوهم، ثم إن العبد يقول يا رب إفعل لي كذا فيقول الله تعالى له نعم لكن في الوقت الذي هو أولى لك، إما في وقت آخر في الدنيا أو في الآخرة، فالدعاء مجاب بقوله لبيك على الدوام، وكذلك قضاء الحاجة مجاب على الدوام، وما ورد أحد الحضرة الإلهية ورجع بلا قضاء حاجة قط لأنها حضرة أكرم الأكرمين.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ يعلمه آداب الدعاء والتفويض لله تعالى فيه، كأن يقول اللهم أعطني كذا وادفع عني كذا إن كان لي في ذلك خيرة ومصلحة وسبق ذلك في علمك، وكلامنا في غير المضطر أما المضطر فيجاب لوقته، ثم إن العبد الذي لم يضطر إذا فوض إلى الله تعالى كذلك فعل معه خير الأمرين، فإن أعطاه كان خيرا وإن منعه كان خيرا:
والله عليم حكيم.
روى الشيخان وغيرهما مرفوعا: " " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول دعوت فلم يستجب لي " ".
وفي رواية لمسلم والترمذي: " " لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل قيل يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت ودعوت فلم يستجب لي فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء " ".
ومعنى يستحسر أي يمل ويعيا فيترك الدعاء.