قال الحافظ المنذري: والحلم هو رؤية الجماع في النوم، وهو المراد هنا يقال حلم الجلد إذا فسد وتغير اه. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) إذا حصل لنا قلة نوم وسهر مفرط لقلة رطوبات البدن أو لخوف من لصوص أو من عفريت ونحو ذلك أن نتداوى بالأذكار الواردة في ذلك قبل التداوي بالحكماء، فإني رأيتهم يداوون من غلب عليه الخوف بإحماء الذهب على النار ثم يطفونه بالماء ويسقونه للخائف.
واعلم يا أخي أن قلة النوم تقع كثيرا عقب المرض الطويل فيخف دماغ العبد من الرطوبات والدسومات، فلا يكاد ينام ويحصل له بذلك ضرر شديد حتى يصير يتمنى الموت من شدة الألم. فاعلم أنه لا ينبغي للعبد أن يترك التداوي بما ذكر، ويقول الأفضل للعبد أن يحمد الله تعالى على ترك النوم. لأنا نقول التداوي بذلك لا ينافي الحمد لله تعالى على السهر من حيث تقديره، فيتداوى العبد من حيث إن السهر المفرط لا يصير به عند العبد إقبال على الله تعالى في عبادة من العبادات، بل يصير يعبد الله تعالى من غير شدة داعية ولو كان يحصل عنده بزيادة السهر المفرط داعية لما كان ينبغي للعبد أن يستعمل شيئا يجلب النوم أبدا فافهم.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: إنما يفزع في النوم من غفل عن الحق تعالى في اليقظة وخاف من الخلق، وإلا فمن أكثر من ذكر الله عز وجل أنس بكل شئ واستأنس به كل شئ من ناطق وصامت.
فاعمل على جلاء مرآتك يا أخي حتى لا تصير تخاف أحدا إلا الله، وإلا فمن لازمك الخوف من الجن والإنس وغيرهما وعدم استئناسهم بك، فقد كان في بيتي امرأة من الجن فكانت إذا قربت مني قامت كل شعرة في جسدي فكنت أذكر الله فتبتعد من وقتها، ثم كانت تقف في طريقي إلى المسجد في الظلام فما فزعت منها قط بل كنت أمر عليها في المجاز المظلم فأقول لها السلام عليكم، وما نفر خاطري منها قط مع أن طباع الإنس تنفر من الجن.
وسكن عندي مرة أخرى جماعة من الجن أيام الغلاء، فكنت أقول لهم كلوا من الخبز والطعام بالمعروف ولا تضروا بإخوانكم المسلمين، فأسمعهم يقولون سمعا وطاعة.