فقال: مثلنا لا يصلح لإطالة الجلوس في حضرة الله تعالى فنخاف أن نأتي لنربح فنخسر، فينبغي لكل مؤمن مراعاة الأدب في المسجد، فإنه بيت الله الخاص ولا يبادر قبل الوقت إلا إن علم من نفسه القدرة على كف جوارحه الظاهرة، والباطنة من كل مذموم حتى من سوء الظن بأحد من المسلمين، حتى بالاهتمام العظيم بأمر الرزق والمعيشة فإن ذلك من أقبح الصفات لما فيه من رائحة الاتهام بالحق تعالى بأنه يضيعه وهو تعالى يرزقه من حين كان في بطن أمه، حتى ضربه الشيب.
قال سيدي علي الخواص وعلى الجالس أيضا في المسجد أمور.
منها أن لا يسأله أحد بالله شيئا ويقول لا ولو طلب منه عمامته أو جوخته أو جميع ما في داره وخلوته، إلا إن كان يطلب ذلك تعنتا أو امتحانا.
ومنها أن لا يمشي في المسجد بتاسومة أو حلفاية إلا لعذر شرعي من جرح أو مرض أو برد شديد أو حر شديد.
ومنها أن يشغل نفسه بالعبادة مع مداومة الطهارة فلا يجلس فيه لحظة واحدة وهو محدث ومنها أن لا يخطر في باله أنه خير من أحد المسلمين فإن هذا ذنب إبليس الذي أخرج من حضرة الله من أجله ولعن وطرد، وهذه أمهات الآداب وكل أدب له فروع.
(وأما شروط الجالس في السوق) فإن لا يشغله البيع والشراء عن ذكر الله تعالى.
ومنها عفة البصر عن زبونات جاره وأن لا يخطر في باله سوء الظن به ولا حسد له.
ومنها أن لا يعتمد في رزقه على البيع والشراء بل يجعل ذلك امتثالا لأمر الله تعالى وهو معتمد على الله تعالى فإن الله تعالى يخلق البركة في الرزق والغنى عن الناس عند الحرفة لا بالحرفة، ونظير ذلك ما قالوا في الطعام والشراب من أنه تعالى يخلق الشبع والري عند الأكل والشرب، لا بالأكل والشرب.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول متى فرق الرجل بين الجلوس في بيته والجلوس في السوق فهو معتمد على غير الله وذلك معصية.
وقد كان سيدي علي الخواص رضي الله عنه إذا فتح حانوته يقول بسم الله الفتاح العليم نويت نفع عبادك يا الله ثم يجلس بحضور مع الله تعالى حتى ينصرف.
ومنها أن يغض بصره عن رؤية النساء ولا يستلذ قط بكلام امرأة فمتى استحلاه ومال قلبه إليها كان جلوسه في السوق معصية.