وفي رواية للترمذي: " " كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه فزوروها فإنها تذكر الآخرة " ".
قال الحافظ المنذري رحمه الله: قد كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور نهيا عاما للنساء والرجال ثم أذن للرجال في زيارتها، واستمر النهي في حق النساء، وقيل كانت رخصة عامة وفي ذلك كلام طويل للعلماء. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نكثر من الاستعداد لأهوال يوم القيامة بالأعمال الصالحة، وذلك بأن نفعل جميع ما أمرنا به على التمام ونجتنب جميع ما نهينا عنه على التمام من غير اعتماد عليه دون الله تعالى، وكذلك نستعد لها بالتوبة من كل خلل وقعنا فيه. فإن كل من أخل بشئ من التكاليف فمن لازمه مقاساة الأهوال والشدائد ومن بذل وسعه في مرضاة الله فهو من الذين:
* (لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة) * وتقول لهم * (هذا يومكم الذي كنتم توعدون) *.
ولا يحصل لك يا أخي كمال الاستعداد إلا بالسلوك على يد شيخ مع شدة صبرك على مناقشته، إلى أن لا يخلى عليك تبعة ظاهرة وينشر لك صحيفتك كلها، فيطلعك على جميع زلاتك فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا ويحصيها عليك، ويعلمك بطريق الخلاص منها بالتوبة منها ورد المظالم إلى أهلها، وما لم يمكن رده يشفع لك فيه عند الله تعالى، ويدعوا لك حتى تموت إن شاء الله تعالى على حالة الاستقامة، فإن شدة الأهوال يوم القيامة إنما تكون على من أخل بالأوامر الشرعية.
ولنبين لك يا أخي بعض أمور لتقيس عليها الباقي، وذلك أن كل من بذل وسعه في طاعة الله تعالى حتى خرج منه العرق من شدة التعب خف عرقه يوم القيامة، فإن كل إنسان لا يخوض يوم القيامة إلا في العرق الذي بخل بإخراجه في طاعة الله كمجالس الذكر وحفر الآبار وحمل الأثقال ونحو ذلك ومن آثر الدعة والراحة فلم يتعب في مرضاة الله تعالى خرج عليه العرق الذي حبس ولم يخرج في طاعة الله تعالى فيصل إلى خلخال رجله فما فوقها إلى أن يغطى صاحبه، وهكذا القول فيمن أطعم الفقراء والمساكين وأسقاهم لله تعالى فإنه لا يحس بجوع ولا عطش إلا بقدر ما فرط، وكذلك القول في المشي على الصراط المنصوب