والأحاديث في ذلك كثيرة. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتهاون بترك وقوعنا في الكلام اللغو خوفا أن يجر إلى مكروه أو حرام، ونعود لساننا أن لا نجيب عن الكلام إلا بعد تأمل وتثبت، وهذا العهد يقع في خيانته كثير من الحجاج إذا رجعوا من الحج فيصير يحكي ما وقع له من غير أن يسأله الناس عنه فيصير الناس الذين يسلمون عليه متقلقلين [متقلقين؟؟] لأجل حوائجهم التي وراءهم من سلام على حجاج آخرين أو غير ذلك وهو يهدر لهم كالشاعر، وكذلك يقع في خيانته كثير من الفقراء الذين تزورهم الأمراء فيفتحون على ذلك الأمير باب الكلام الذي ليس لذلك الأمير به حاجة كقوله له: كان فلان الأمير عندنا البارحة أو الباشا زارنا أمس أو قاضي العسكر أو أعطاني الباشا حصانا مليحا ونحو ذلك، وهذا دليل على أن ذلك الشيخ دنياوي دق المطرقة لاستعزازه بالخلق، وربما طول الشيخ الكلام على ذلك الأمير فيقول للشيخ وهو في وسط الكلام اقرؤوا الفاتحة يا سيدي الشيخ فيكلح الشيخ فيصير دعاؤه خداجا من قلة اعتقاد الأمير في الشيخ، ولكثرة ما وقع فيه من اللغو والهذيانات، فاعلم أن من الأدب الكف عن مثل ذلك، والله غفور رحيم.
روى الشيخان وغيرهما مرفوعا عن أبي موسى قال:
قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل قال: " " من سلم المسلمون من لسانه ويده " ".
قلت: قال سيدي علي الخواص رحمه الله، وهذا من شرط كل داع إلى الله عز وجل، فمن ادعى مقام المشيخة ولم يسلم الناس من لسانه ولا من يده فهو كاذب، لأنه إذا لم يسلم له كمال مقام الإسلام فكيف بمقام الإيمان؟ فكيف بمقام الإحسان الذي يدعيه؟ فإن شرط الداعي أن يقف في محل القرب يدعو المطرودين عن حضرة الله إلى حضرة الله. والله أعلم.
وروى الشيخان مرفوعا: " " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها ينزل بها في النار أبعد ما بين الشرق والغرب " ".
وفي رواية لابن ماجة والترمذي: " " إن الرجل ليتكلم بكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا.
وقوله ما يتبين: أي ما يتفكر هل هي خير أو شر.
وروى البيهقي مرفوعا: " " إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يتكلم بها إلا