" " كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإن الله يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات " ".
قلت: فاعلم أنه لا ينبغي التهاون بشئ من حقوق الوالدين أبدا لاحتمال أن يؤاخذ الله تعالى به الولد كما روى الأصبهاني وغيره، وقال الأصبهاني: حدث به أبو العباس الأصم إملاء بنيسابور بمشهد من الحفاظ فلم ينكروه عن العوام بن حوشب قال:
نزلت مرة حيا وإلى جانب ذلك الحي مقبرة، فلما كان بعد العصر انشق منها قبر فخرج منه رجل رأسه رأس حمار، وجسده جسد إنسان، فنهق ثلاث نهقات ثم انطبق عليه القبر فإذا عجوز تغزل شعرا أو صوفا، فقالت امرأة ترى تلك العجوز فقلت ما لها فقالت هي أم صاحب هذا القبر فقلت وما كان قضيته؟ قالت كان يشرب الخمر فإذا راح إلى أمه تقول له أمه يا بني اتق الله إلى متى تشرب هذا الخمر؟ فيقول لها أنما أنت تنهقي كما ينهق الحمار؟ قال فمات بعد العصر فهو ينشق عنه القبر كل يوم بعد العصر فينهق ثلاث نهقات ثم ينطبق عليه القبر.
وروى النسائي والبزار مرفوعا: " " ثلاثة لا ينظر إليهم يوم القيامة:
العاق لوالديه ومدمن الخمر " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتهاون بعدم صلة الرحم بل نصلها ولو قطعت طلبا لمرضاة الله تعالى ومصلحة لنفوسنا، من حيث الأجر العظيم لمن يصل رحمه التي قطعته، وكذلك لا نرافق قاطع رحم ولا نجالسه، وهذا العهد لا يقوم به إلا من سلك على يد شيخ وخرج عن رعونات النفوس وصار يعامل الله في خلقه امتثالا لأمره لا لعلة أخرى، وأما من لم يسلك فمن لازمه غالبا قطع رحمه إذا قطعته ولا يصلها إلا إن وصلته، وتلك إنما هي متاجر ليست من أخلاق كمل المؤمنين.
فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح ليوصلك إلى مقام الصدق في معاملة الله والله يتولى هداك.
روى أبو داود والترمذي مرفوعا: " " يقول الله عز وجل: أنا الله وأنا الرحمن وخلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمى، فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته " " أو قال: بتته.