من أهل الجنة فطلع رجل فأخبر ذلك الرجل بما قاله صلى الله عليه وسلم في حقه وقالوا له ما عملك؟ فقال لا أجد في نفسي حسدا لأحد من المسلمين ولا غشا ولا أحسد أحدا على خير أعطاه الله إياه.
والأحاديث في ذلك كثيرة. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتكبر على أحد من المسلمين ولا نفتخر عليه ولا نعجب بشئ من أحوالنا الظاهرة والباطنة.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ ناصح يسلك به حتى يسد عنه جميع المخارس التي يدخل عليه منها الآفات.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: مخرس الكبر الذي يدخل على الإنسان منه الكبر والفخر والعجب هو شهوده أن الفضائل التي تكبر بها أو افتخر بها له، فإذا سلك الطريق وجدها كلها لله عز وجل كشفا ويقينا ليس للعبد منها شئ وإنما هي عارية لله تعالى عند العبد، ولها مصارف شرعية يصرفها فيها، كإظهار التكبر على فعل ما أمره به إبليس وإظهار الفخر على الكفار والظلمة وإظهار العجب من أفعال الحق تعالى في حلمه عليه وكثرة إحسانه له مع كثرة مخالفته.
واعلم أن تكبر العوام إنما هو بشهودهم النقص في أنفسهم، فيريدون أن يزيلوا ما في نفوس الناس من احتقارهم لهم ولذلك يقولون في المثل لا تجد النفورة إلا عند الحمير العرج وقال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: كل من يكون في جسمه نقص إلا وعنده تكبر أي لأجل العلة التي ذكرناها.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا يصح لأحد التكبر على الله تعالى أبدا وإنما تكبر من تكبر على أمر الرسل عليهم الصلاة والسلام، فتكبروا عن أمر الرسل مع غفلتهم عن كون أوامر الرسل هي أوامر الله تعالى حقيقة إذ الجناب الإلهي معظم عند سائر الملل فافهم.
وكان الشيخ محيي الدين بن العربي رحمه الله تعالى يقول: التكبر خاص بالإنس والجن دون غيرهما من سائر المخلوقات، قال: الحكمة في ذلك كون المتوجه على إيجادهما من الأسماء الإلهية أسماء الحنان واللطف والرحمة دون أسماء القهر والذلة، فخرج الإنس والجن من حضرات تلك الأسماء فلم يروا في نفوسهم ذلا ولا انكسارا فتكبروا بخلاف