بمال غيرهم، كل ذلك وفاء بحق أنفسنا ونفوس إخواننا فينبغي لمن يسافر أن يطوي النوم في الليل والنهار إلا غلبة، ويتمرن على ذلك قبل ليدخل له مستعدا.
" " والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه " ".
وهذا العهد يخل بالعمل به غالب الحجاج فينظر أحدهم الحياص وقد أخذ جمل الحاج أو عمامته وهو قادر على أن يخلص ذلك من الحياص فلا يتبعه لعدم ارتباط قلبه بأخيه المسلم.
ومن هنا استحب بعضهم أن يجتمع أهل كل بلد أو حارة أو إقليم على بعضهم لأجل العصبة، والخلاص من المهالك في مضايق الأودية، فربما زلقت رجل جمله بحمله فوقع في الوادي فلا يستطيع صاحبه أن يمسكه عن الوقوع فكن يا أخي رحيما شفوقا على إخوانك ليعاملوك في سفرك بنظير ما تفعل معهم، والله تعالى يتولى هداك.
روى الترمذي وقال حديث حسن مرفوعا:
" " عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله " ".
وفي رواية للإمام أحمد وأبي يعلى والطبراني مرفوعا:
" " من حرس من وراء المسلمين في سبيل الله تبارك وتعالى متطوعا لم ير النار بعينه إلا تحلة القسم " " أي في قوله تعالى: * (وإن منكم إلا واردها) *.
والمراد بتحلة القسم تكفير القسم وهو اليمين.
وروى الحاكم وقال صحيح الإسناد مرفوعا:
" " من حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها وصيام نهارها " ".
والأحاديث في ذلك كثيرة. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نكرم الغزاة والحارسين لودائع الناس في مثل العقبة والأزلام، وكذلك نكرم خفر الدرب من العرب أصحاب الإدراك، وإذا ضاع لنا شئ لم نلزمهم به إلا بطريق شرعي، ولو كان لهم على ذلك صر في بيت المال، بل ينبغي أن نساعدهم بما نقدر عليه من البقسماط والأدم والنقد ترغيبا لهم في الإقامة في تلك الأماكن المخوفة، ونحوط أمتعة الناس ونبدأهم بالعطاء