نصب مجلس الذكر أو العلم أو مجلس مناقشة الشيخ للفقراء، وتخليص حقوقهم من بعضهم ونحو ذلك من الخيرات العظيمة، بل ربما يكون بعض هذه المذكورات في حق بعض الناس أكثر أجرا من صلاة الجماعة التي نهينا عن الخروج من المسجد لأجلها.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ ناصح يعرف مقادير العبادات وتفاوتها وما هو الأولى بالتقديم منها على غيرها كشفا ويقينا لا تقليدا وتخمينا ومن لم يسلك كما ذكرنا فمن لازمه الإخلال بتقديم ما هو أحق بالتقديم بل من الناس من يقدم شهوات بطنه وفرجه على عبادة ربه، ويخرج من المسجد ويفارق صلاة الجماعة وغيرها ولا يبالي بما فاته من ذلك.
فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح واخدم نعاله واصبر على تنكراته عليك وعدم قيامه بواجبك العادي والله يتولى هداك.
روى الإمام أحمد وغيره مرفوعا: " " إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي " ".
وروى الإمام أحمد أن أبا هريرة رأى رجلا خرج من المسجد بعد ما أذن المؤذن، فقال: أما هذا فقد عصا أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
وروى الطبراني مرفوعا: " " لا يسمع أحد النداء في مسجدي هذا ثم يخرج منه ثم لا يرجع إليه إلا منافق إلا لحاجة " ".
وفي رواية لابن ماجة: " " من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو لا يريد الرجعة فهو منافق " ". والله أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نرائي في عباداتنا أحدا من الخلق خوفا من مقت الله عز وجل سواء كان الرياء مصاحبا للعمل أو متأخرا عنه، كأن يحب أحدنا والعياذ بالله تعالى ظهور أثر الطاعة عليه من نور الوجه وحسن السمت في المستقبل، أو ظهور أثر السجود في جبهته مثل ركبة العنز، أو كثرة المصلين في جنازته لغير غرض صحيح، أو يميل إلى قول الناس له إذا مر عليهم وعلى وجهه نور شئ لله المدد يا سيدي الشيخ، ونحو ذلك، فإن ذلك كله يرجع إلى الرياء ولو لم يصاحب العبادة.