(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نبادر بالتوبة عقب كل ذنب، ولا نصر على ما فعلناه لحظة واحدة هروبا من سخط الله تعالى، مع أن الإصرار أيضا معصية ثانية، فإذا وقع بادرنا أيضا بالتوبة من الإصرار، وهكذا القول في الإصرار على عدم التوبة من الإصرار أبدا، فما من ذنب إلا وله دواء، حتى لو أصر على ذنب سبعين سنة أو أكثر فندم واستغفر الله عن جميع الإصرار السابق كله انسحب الاستغفار عليه، فإن التوبة تجب ما قبلها.
قال العلماء: والتوبة عن الشرك مقطوع بها بنص القرآن فهي مقبولة بلا شك، بخلاف معاصي أهل الإسلام فإنها كلها مظنونة القبول، وذلك لأن المشرك كان في حجاب القطيعة الكلية فلاطفه الحق تعالى كما لاطف الشيخ الفاني وحمل عنه حكم الذنوب السالفة كلها إذا تاب وأحسن.
وأما المعاصي من أهل الإسلام فكان حكمه حكم الشاب القوي العاتي لضعف حجاب قطيعته فإنه مسلم موحد يشم رائحة الإسلام، فكان من شأنه أن لا يقع في معصية الله تعالى:
هذا ما ظهر لي الآن من الحكمة ومن فتح الله تعالى عليه بشئ أوضح مما قلناه فليلحقه بهذا الموضع.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى يقول: ما دامت شهوة الذنوب في القلب فلا فائدة في الطاعات، لأن ظلمة شهوة المعصية تمنع دخول نور الطاعات إلى القلب، والمدار على حصول النور في القلب حتى يصلح لمجالسة الرب.
* (والله غفور رحيم) *.
روى مسلم والنسائي مرفوعا: " " إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " ".
وفي رواية لمسلم مرفوعا: " " من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه " ".
وروى الترمذي وقال حديث حسن صحيح والبيهقي واللفظ له مرفوعا:
" " إن من قبل المغرب لبابا مسيرة عرضه أربعون عاما أو سبعون سنة،