روى البخاري وأبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عائشة صائمة يوم الجمعة فقال: أصمت أمس؟ فقالت لا، قال: أتريدين أن تصومي غدا؟ قالت لا، قال: فأفطري.
وروى الترمذي وابن ماجة في صحيحه مرفوعا:
" " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عودة شجرة فليمضغه " ". واللحاء: هو القشر.
قال الحافظ المنذري: وهذا النهي إنما هو عن إفراده بالصوم كالجمعة، فأما إن صام يوما قبله أو يوما بعده فلا بأس. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نصوم في السفر إلا إن سهل علينا من غير مشقة عملا برخصة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وميلا إلى الضعف، وهذا العهد يقع في خيانته كثير من المتصوفة والجهال، فيصوم أحدهم في السفر ويقاسي المشقات الشديدة ولا يفطر ويرى أن ذلك أفضل له ويقدم رأي نفسه على الشارع صلى الله عليه وسلم وقد جرب أنه ما شدد أحد على نفسه وخالف الشارع إلا أخل بمأمورات أخر، فإن الله تعالى أعلم بما يتحمل عبده المداومة عليه، ولو علم منهم القدرة على أكثر ما شرع لزاد عليهم في التشريع، بل جرب أن كل طفل قرأ يوم الجمعة وكتب لوحه فلا بد أن يكسل عن لوحه في يوم آخر من الجمعة، فلا أكمل ممن يقف على أحد ما أمره به الشارع أبدا.
فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يهديه إلى سلوك طريق العبادات التي يطيق العبد المداومة عليها، ولا يؤدي عليه:
* (فما رعوها حق رعايتها) * وأيضا فإن العبد في حال فعله برخصة الشارع يسمى متبعا، وفي التشديد على نفسه يسمى مبتدعا، ومعلوم أن الاتباع أولى من الابتداع ولو استحسن. والله أعلم.
روى مسلم وغيره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام وصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس