والأمراض وأسبابها ما دمت في هذه الدار، وجائز في حقك أن تقتل النفس وتشرب الخمر وتزني بحليلة جارك ولو كنت شيخا في الطريق فالعاقل من خاف والسلام، فتدبر يا أخي في هذا العهد واعمل به تجتن ثمرته، والله يتولى هداك.
وكان سيدي علي الخواص رحمه الله يستحضر جميع هذه الأمراض كلها كلما يقوم من النوم وكلما يريد النوم ويخبر أن ذلك كان من شأن إبراهيم المتبولي رضي الله عنه وكان يقول: ينبغي أن لا يكتفي أمثالنا بالشكر باللسان في هذا الزمان لكثرة معاصينا وعدم إخلاصنا، وإنما ينبغي أن يكون شكرنا بالفعل كقيام الليل وحفر الآبار وصوم الهواجر وكف النفس عن جميع الشهوات ونحو ذلك.
* (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) *.
روى الترمذي وقال حديث حسن وابن ماجة والبزار والطبراني مرفوعا:
" " من رأى صاحب بلاء فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلي هذا به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء " ".
وفي رواية للطبراني: " " فإنه إذا قال ذلك شكر تلك النعمة " ". وإسناده حسن.
قلت: فينبغي لمن دخل مارستان المرضى أن يقول ذلك سرا عند كل مريض ليعافيه الله من جميع تلك الأمراض. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نصبر على مصائب الزمان، وإن لم نصبر صبرنا على عدم الصبر فإنه ابتلاء أيضا لما فيه من إظهار المروق من تحت الأقدار.
ويحتاج صاحب هذا المقام إلى عينين: عين ينظر بها إلى تقدير الضجر عليه فيصير تحت الأقدار. وعين ينظر بها إلى الأمر بالصبر فيتصبر، هذه صورة الصبر على عدم الصبر فافهم.
وكذلك نأمر بالصبر والتصبر جميع إخواننا إذا ابتلوا بشئ في أنفسهم أو أموالهم نخبرهم بما جاء من الأحاديث في فضل البلاء والمرض والحمى.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ ضرورة ليعلمه أدب المرض ويخبره بأنه ما مرض عضو من أعضاء البدن الظاهرة والباطنة إلا باستعماله في غير ما أمر به إلا أن