وروى الطبراني مرفوعا، وقيل إنه موقوف على ابن مسعود، قال الحافظ المنذري وهو أشبه:
" " لو اجتمع الثقلان الجن والإنس على أن يصدوا عن العبد شيئا من رزقه ما استطاعوا " ".
وروى ابن حبان في صحيحه: " " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا حسنا وسوارا ابني خالد رضي الله عنهما وقال: لا تيأسا من الرزق، ما تهزهزت رؤوسكما، فإن الإنسان تلده أمه أحمر وهو ليس عليه قشر، ثم يعطيه الله ويرزقه " ".
والأحاديث في ذلك كثيرة. والله سبحانه وتعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نجتهد في طلب الحلال لنأكل منه ونلبس منه وننفق على عيالنا وإخواننا منه، فإنه موجود ما دام المكلفون في الدنيا، وإذا صدق العبد في طلب الحلال استخرجه الله من بين الحرام والشبهات، كما يستخرج اللبن من بين فرث ودم، فلا تسمع يا أخي إلى قول من يقول ما بقي في الدنيا حلال فإن ذلك جهل منه وأصل ذلك كثرة أكله هو من الحرام والشبهات، فظن أن أحدا لا يسلم من ذلك قياسا عليه هو، وغاب عنه أن الله تعالى إذا اعتنى بعبده طهره من الخبائث، ويسر له الحلال الصرف الخالص، فلولا ما سبق في علم الله تعالى من خبث نفس هذا القائل ما ساق إليه الخبيث، قال تعالى:
* (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات) * فمن خبثت نفسه سيقت للخبيث، وسيق الخبيث لها، ومن طابت نفسه سيق إليها الرزق الطيب وسيقت إليه، فاعمل يا أخي على إصلاح النية واطلب الحلال جهدك، فإن رزقت حلالا فاحمد الله، وإن رزقت حراما فاستغفر الله، وقد بذلت جهدك فلا يبقى عليك إن شاء الله تعالى كثير لوم في الآخرة كلوم من أرخى عنانه في أكل الحرام ولم يجاهد نفسه ولم يدافع الحرام، وقد كلف الله تعالى العبد بمدافعة الحرام ولو كشف له أن الله قسمه له، ومتى لم يدافع عصى فلا يقال كيف يؤاخذ الله تعالى العبد على ما قسمه له، لأن ذلك يؤدي إلى أن يقيم العذر للكفار وجميع العصاة، ولا يبقى لله تعالى عليهم حجة،