اللبن وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السماء من شرب منه لم يظمأ أبدا " ".
زاد في رواية للطبراني والبزار بعد قوله:
" " أبيض من اللبن وأحلى من العسل وأبرد من الثلج " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نبني لنا في دركات النار مسكنا ولو قدر مفحص قطاة، وذلك لا يكون إلا بترك فعل جميع ما نهانا الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة من كبائر وصغائر.
ويحتاج من يريد العمل بهذا إلى شيخ يسلك به حتى يطلعه على مراتب القيامة، ويعرف ما يمشي هناك من الأعمال وما لا يمشي فيتركه هنا حتى لا يبقى له بناء إلا في الجنة، وأما والعياذ بالله المذنب من العصاة فإنه لا يزال يبني في النار الدركات بأعماله حتى ينتهي عمره فيقال له ادخل دارك التي بنيتها.
وقد أنشد الشيخ محيي الدين بن العربي في ذلك:
النار منك وبالأعمال توقدها * كما بصالحها في الحال تطفيها فأنت بالطبع منها هارب أبدا * وأنت في كل حال منك تنشيها أما لنفسك عقل في تصرفها * وقد أتيت إليها اليوم تبنيها إلى آخر ما قال، فلا تلم يا أخي إلا نفسك، فإن جميع ما أعد لك في جهنم من حميم وزمهرير وحيات وعقارب ومقامع وغير ذلك إنما هو من فعلك بجوارحك كما تعرفه إذا دخلت النار والعياذ بالله على التعيين، وتعرف جميع الأعمال التي استحالت نارا أو عقربا أو حية أو كلبا ونحو ذلك على اليقين، وتعلم هناك يقينا أنها كلها عملك، لم يشاركك فيها أحد، وغالب أمر إبليس أنه نفذ لما رأى نفسك مالت إليه لا غير، لأن النفس كلسان الميزان وإبليس جالس بالمرصاد لك ينظر ما تميل إليه نفسك، فبمجرد ما يخرج لسان الميزان وتميل إلى فعل معصية من المعاصي الظاهرة والباطنة يجئ إبليس ينفذ ذلك، وما دام لسان الميزان لم يخرج من الفك فليس لإبليس على العبد سبيل لأنه إما معصوم أو محفوظ في حضرة الله عز وجل، وأهل الحضرة ليس له عليهم سبيل ويؤيد ما قلناه خطبته لعنه الله في النار حين يقول: