وادعوا فيه حيلا وتلفا وأمورا لا حقيقة لها، فإذا كان الأكابر قد وقعوا مع علمهم ودينهم فكيف بأمثالنا، فمن الحزم بعدنا عن أموال اليتامى جهدنا.
وكان سيدي إبراهيم المتبولي رضي الله عنه يقول: إياك أن تسند وصيتك إلى من رأيته كثير الجدال وتقول إنه يخلص مال اليتيم ممن هو عنده بكثرة جداله فإنه ولو خلصه ربما أكل بعد ذلك مال اليتيم وجادل كل من أنكر عليه ويدحض حجته، لأن حكم الناس معه حكم الجاهل بالدقاق إذا تقدم يداقق عالية العوال، وكان يقول إياكم والقرب ممن يتخذ علمه سلاحا يقاتل به الجاهلين بغير حق، فإن طلبت يا أخي أن تلي مال اليتيم فاعرض على نفسك، فإن رأيتها تخاف الله وتخشاه بالغيب ولا تتجرأ على معصية حياء من الله أو خوفا منه فاقبل ولاية مال اليتيم، وإن علمت أنها تعصي ربها إذا خلت، فاعلم أنها لا تصلح أن تلي مال يتيم إذ اليتيم وليه الله تعالى، والله تعالى غيب غير مشهود لنا، في أغلب أوقاتنا، فما هناك أحد يشهده حتى يرى عليه فربما مقت والله عليم حكيم.
روى مسلم وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر إني أراك رجلا ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تلين مال يتيم.
وفي حديث الشيخين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عد أكل مال اليتيم من الكبائر.
وروى أبو يعلي وابن حبان في صحيحه مرفوعا:
" " يبعث الله يوم القيامة قوما من قبورهم تتأجج أفواههم نارا فقيل من هم يا رسول الله. قال ألم تر أن الله تعالى يقول: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نمكن عيالنا من الخروج مع جنازة ولا لزيارة قبور أولادهن فضلا عن أولاد غيرهن، لكن إن رأينا عند إحداهن شدة جزع ورجونا زوال ذلك بزيارتها استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقلب ثم مكناها من الخروج مع ثقة، وهذا العهد يقع في خيانته كثير من الناس حتى