على هذا الحكم، ولا يقال في سبق العلم لم؟ بل من الأدب أن العبد يتطلب الحكمة في ذلك من الله تعالى، فإذا أطلعه على الحكمة رأى أن ما فعله الحق بعباده أكمل في وجوه المعارف.
وتأمل حكمة الإسراء به صلى الله عليه وسلم إلى الأفلاك العلى تعثر على ما أومأنا إليه.
* (والله عليم حكيم) *.
روى البيهقي منقطعا عن علي بن أبي طالب، وقال الحافظ المنذري: الأشبه عندي أنه من قول ذي النون المصري رضي الله عنه عن أبي سليمان الداراني قال:
سئل علي بن أبي طالب لم كان الوقوف بالجبل ولم يكن بالحرم؟ فقال لأن الكعبة بيت الله والحرم باب الله، فلما قصدوه وافدين أوقفهم بالباب يتضرعون، قيل يا أمير المؤمنين، فما معنى الوقوف بالمشعر الحرام؟ فقال لما أذن لهم في الدخول إليه أوقفهم بالحجاب الثاني وهو المزدلفة، فلما أن طال تضرعهم أذن لهم بتقريب قربانهم بمنى، فلما أن قضوا تفثهم، وقربوا قربانهم، وتطهروا بها من الذنوب التي كانت عليهم أذن لهم بالزيارة إليه على الطهارة، فقيل: يا أمير المؤمنين، فمن أين حرم عليهم صيام أيام التشريق؟
فقال لأن القوم زوار الله تعالى وهم في ضيافته، ولا ينبغي للضيف أن يصوم بغير إذن رب المنزل الذي أضافهم، فقيل: يا أمير المؤمنين، فما تعلق الرجل بأستر الكعبة، لأي معنى هو؟ فقال: هو مثل الرجل إذا كان بينه وبين صاحبه جناية فيتعلق بثوبه ويتنصل إليه ويتخدع له ليهب له جنايته. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نبادر لرمي الجمار إيمانا حتى تنكشف لنا حكمتها جهارا، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لمن قال له:
" " يا رسول الله ما لنا في رمي الجمار، فقال: تجد ذلك عند ربك أحوج ما تكون إليه " ".
لما علم أن السائل لا يتعقل حكمتها، وربما امتحن الحق تعالى عباده في أمرهم بما لا يتعقلون حكمته كرمي الجمار وتقبيل الحجر الأسود وكإضافته إلى نفسه تعالى ما يحيله العقل