وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: من خيانة الشريك أن يعزم على أن يميز نفسه على شريكه بشئ ولو لم يفعل، فإن البركة ترفع بمجرد هذه النية ولو لم يتخصص بشئ، ثم يصير الشريك يحلف بالله وبالطلاق أنه ما أخذ من ذلك شيئا ولا واكس عليه فيتحير الناس في ذلك، والحال أن البركة ارتفعت بمجرد النية المذكورة لكونها خيانة، وهذا العهد لا يقدر على العمل به إلا أكابر الأولياء الذين تخلقوا بالرحمة على العالم حتى صاروا أشفق على المسلمين من أنفسهم بحكم الإرث في المقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فعلم أن كل من لا يعلم من نفسه القدرة على عدم وقوعها في الخواطر المذكورة فليتاجر لنفسه ولا يشارك أحدا، فإن في ذلك ضررا عليه وعلى شريكه بارتفاع البركة شاء أم أبى:
والله عليم حكيم.
روى أبو داود والحاكم وغيرهما مرفوعا:
" " يقول الله أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما " ".
زاد في رواية رزين: " " وجاء الشيطان " ".
وفي رواية للدارقطني: " " يد الله على الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان أحدهما صاحبه رفعها عنهما " ". والله أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نفرق بين والدة وولدها حتى من البهائم والطيور، وسواء كان التفريق بالبيع أو غيره رحمة بخلق الله، فإن الوالدة والولد يتألم كل منهما بالفراق.
ومن لم يرحم لا يرحم.
وما رأت عيني أكثر عملا بهذا العهد من أخي أفضل الدين رحمه الله تعالى. كان إذا وقع عصفور صغير من عش أمه من سقف مسجد أو غيره، يأتي بسلم من خشب ويصعد به إلى عش أمه، ورأيته يبذل في ذلك نصف فضة لمن يطلع بالعصفور لأمه.
وقد بلغني عن سيدي ياقوت العرشي رضي الله عنه أن حمامة جائته في إسكندرية