قال: بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال:
تصدق علي بارك الله فيك، فقال الخضر: آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون ما عندي شئ أعطيكه، فقال المسكين: أسأل الله لما تصدقت علي فإني نظرت إلى السماحة في وجهك ورجوت البركة عندك. فقال الخضر آمنت بالله ما عندي شئ أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني، فقال المسكين: فهل يستقيم هذا؟ قال نعم. أقول لقد سألتني بأمر عظيم أملا في لأجيبك بوجه ربي بعني فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم " ". الحديث. والله أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نرد شيئا جاءنا من غير سؤال ولا استشراف نفس، وهذا العهد يقع في خيانته كثير ممن يحب أن يشتهر بالزهد ويرد ما أعطيه خوفا أن يجرح مقامه عند الناس وعار عليه أنه جرح مقامه بذلك عند الله تعالى فخذ من الله تعالى وأعط الله والله يتولى هداك.
روى الطبراني مرفوعا: " " ما المعطى من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا " ".
وفي رواية لابن حبان: " " ما الذي يعطى من سعة بأعظم أجرا من الذي يقبل إذا كان محتاجا " ". والله أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نرد قريبا سألنا شيئا ونحن في غنى عنه، ولا نتعدى قط بصدقتنا إلى الأجانب ونترك قريبنا الفقير أو نتعدى بالحسنة جارنا الفقير إلى الأبعد، ولو فقيرا، فضلا عن أن يكون غنيا، وهذا العهد يقع في خيانته كثير من الناس فيسألهم قريبهم ثوبا أو طعاما أو دراهم فلا يعطونهم شيئا ويسألهم شخص لا قرابة بينهم وبينه فيعطونه، ولعل العلة في ذلك أن القريب يأخذ ولا يشكر أصلا أو يشكر ولا يبالغ في الشكر، ويقول لا جميلة في ذلك لقريبي بخلاف الأجنبي فإنه إذا أخذ من أحد شيئا يشكر صاحبه في المجالس ويبالغ في الثناء عليه والنفس من شأنها أنها تحب ذلك.
فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى شيخ يسلك به في الطريق حتى يوقفه على