بالتخفيف عن الناس جهدهم، وكان يقول لأصحابه من التجار إذا جاءكم جباة الظلم يطلبون عادتهم بإذن السلطان فأعطوها طاعة للسلطان، وإلا حصل لكم من الضرر أشد مما بخلتم به عليهم، وكان يقول للتجار الذين يجيئون من الشام شغلى مصر: أعطوا الظلمة عادتهم في غزة وفي قطية، فإن ذلك غفارة ليس من المكس في شئ، فإن السلطان لو تزلزل أمره ما قدر أحد منكم يخرج بتجارة في البراري من الشام إلى مصر أبدا، وعلى كلام الشيخ فليس من المكس إلا الذي يؤخذ من قوم جاءوا إلى مصر في ظل سيوفهم من غير حاجة إلى مساعدة السلطان أو الذي يأخذه المحتسب من السوقة وهم آمنون في بيوتهم وحوانيتهم، هكذا قال رضي الله عنه، فليتأمل. وكان إذا تولى مكاس يأمره بلبس الجبة والفروة الكباشى في الشتاء والرضا بالرغيف ولو كان حافا وركوب الحمار والرضا بجارية تخدمه من غير زوجة، ويأمره باجتناب اللبس المحررات والتبسط في الشهوات، ونكاح النساء الجميلات، والسكنى في القاعات المرخمات، ويقول له إن أردت تعمل مثل من كان قبلك من المتهورين في دينهم، وتتبسط في المأكل والملبس وغير ذلك، لم يكفك مال الجهات كلها وهذا كله من باب ظلم دون ظلم فافهم، وإياك والاعتراض على الشيخ والله يتولى هداك.
روى الحاكم مرفوعا وقال صحيح الإسناد:
" " من استعمل رجلا من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين " ".
وفي رواية أخرى للحاكم مرفوعا وقال صحيح الإسناد:
" " من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله تعالى لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم " ".
رواه أحمد باختصار. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نلعن الراشي والمرتشي والساعي بينهما إلا إن كان مختارا وقبل الرشوة بنفسه، فإن أكره على اخذها لغيره فلا ينبغي لنا لعنه كما إننا إذا لعناه لا نلعنه إلا بحكم العموم دون الخصوص لجهلنا بعاقبة