روى الشيخان مرفوعا: " " ما من مسلم جمع ذهبا ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبهته وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار " " الحديث.
قال شيخنا رضي الله عنه: وإنما خص الله الكي بهذه الثلاثة الأعضاء، لأن صاحب المال إذا رأى الفقير جاء له يعرقض؟؟ جبهته له، فإذا جاء وجلس عنده يسأله شيئا أعطاه جنبه فإذا ألح عليه أعطاه صاحب المال ظهره وفارقه، والأحاديث في منع الزكاة كثيرة مشهورة. والله تعالى أعلم.
(اخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتوكل توكل العام، فنترك التكسب بالتجارة والزراعة والصناعة ونحو ذلك، ونصير نسأل الولاة والأغنياء تصريحا أو تعريضا، فإن ذلك جهل بمقام التوكل كما هو شأن من يطلب الوظائف والأنظار بالوسائط وكتابة القصص ثم يدعى التوكل بعد ذلك، وهو قد سأل مع الغنى، وربما يحتج بأن التكسب يعطله عن الاشتغال بالعلم وذلك حجة لا تنهض إلا إذا لم يكن في بلده أو إقليمه من يقوم بحفظ الشريعة. أما إذا كان في بلده من يقوم مقامه في الإفتاء والتدريس فالأدب اشتغاله بالتكسب إلا أن يمن عليه بما يأكل وما يشرب من حيث لا يحتسب ونحو ذلك.
فإياك يا أخي وسؤال الناس بلا ضرورة، وقد كثر وقوعه من غالب حملة القرآن مع قدرتهم على الكسب بالحرف والصنائع وغيرها، وإذا أمره أحد بالتكسب يحتج بأنه مشتغل بالعلم والحال بخلاف ذلك فإن من شرط من يجوز له أكل الصدقة أن تكون له علامات ظاهرة على حفظه والإكباب على الاشتغال بالعلم ليلا ونهارا، بحيث لو اشتغل بالتكسب لتعطل مع حاجة الناس إلى علمه مع الإخلاص فيه، بحيث يحس بنفسه أن لو سأل الله تعالى به حاجة لقضاها، كما في خبر الثلاثة الذين وقعت عليهم الصخرة فسدت عليهم فم الغار، وقالوا لا ينجيكم إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم.
وقد كان شيخنا شيخ الإسلام زكريا إذا أصابه وجع في رأسه وأنا أطالع له العلم لما