وروى أبو الشيخ ابن حبان وغيره: " " أريت أني دخلت الجنة فإذا أعالي أهل الجنة فقراء المهاجرين وذراري المؤمنين وإذا ليس فيها أحد أقل من الأغنياء والنساء فقيل لي أما الأغنياء فإنهم على الباب يحاسبون ويمحصون وأما النساء فألهاهن الأحمران: الذهب والحرير " ".
وروى ابن حبان في صحيحه مرفوعا: " " ويل للنساء من الأحمرين الذهب والمعصفر " " والأحاديث في ذلك كثيرة.
وقال بعض العارفين إنما شرع لبس الحرير للنساء لاستمالة قلوب الرجال إليهن حال الوقاع، فينبغي للمرأة الحاذقة لبسه قبيل الوقاع ومقدماته ثم تنزعه لوقته. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نترك الترفع في اللباس تواضعا واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولو كان معنا قناطير من الذهب، فنجعل ذلك في مرضاة الله تعالى من الإنفاق على الفقراء والمساكين والمحاويج وهذا العهد يخل به كثير من الفقراء فضلا عن العوام وربما خلف الواحد نحو سبعين زيقا ثمن كل زيق ثلاثة ذهبا أو أكثر، وقد رأيت من خلف سبعمائة زيق من العلماء.
وكان سيدي علي الخواص رحمه الله يقول: ينبغي التسليم لمن لبس الثياب الفاخرة من الأولياء. كسيدي عبد القادر الجيلي، وسيدي علي بن وفا، وسيدي مدين وأضرابهم.
وقد كان سيدي عبد القادر يلبس كل ذراع من الخام بدينار، فاعترض عليه بعض الناس فقال: العبد إذا مات كفن مرة، وأنا قدمت أكثر من مائة موتة في مخالفة نفسي فلي أن ألبس كل بدلة ثمن مائة كفن.
ثم السر في ترك اللباس الرفيع أن النفس تميل إليه بالخاصية، وتفرح به وكل شئ فرح به العبد من الدنيا حجبه عن دخول حضرة الله عز وجل كما تحجب المعصية، فيريد الإنسان أن يجد قلبه حال لبس الرفيع الفاخر مثل حاله في حال لبسه الخلق القليل الثمن فلا يقدر ومن شك فليجرب، وكذلك جربنا السجود على الأرض الطاهرة بلا حائل يجد الإنسان انفساحا وانشراحا وصلة بالله عز وجل بخلاف الصلاة على بساط أو حصير، ومدار كلام الشارع ونصحه لنا على عكوفنا في حضرة الله عز وجل ليعطي الخدمة للحق