قالوا لقتادة وما يكره في ذلك؟ فقال: كان يقال إنها مسكن الجن. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتهاون بترك شئ من آداب السنة المحمدية كما عليه بعض المتهورين، فيترك أحدهم السنة ويقول الأمر سهل وربما أشعر ذلك اللفظ بالاستهانة بتركها رغبة عنها وذلك كفر فليحذر الفقيه المتدين من مثل ذلك.
وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا نجد شيئا يخل بالمروءة إلا وهو مخالف للشريعة وما من مأمور شرعي إلا وله درجة في الجنة لا تنال تلك الدرجة إلا به وكذلك القول في أهوال يوم القيامة لا يلحق العبد هول منها إلا بفعله منهيا عنه في دار الدنيا فلكل منهي كرب يلحق صاحبه هناك، ومن أحكم فعل المأمورات وترك المنهيات لا يلحقه هناك غم ولا هم ولا حزن ومن أخل بشئ من ذلك لحقه الكرب والهم بقدر ما أخل.
وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول: ما أخل أحد بآداب الشريعة إلا وترقى لفعل المكروهات ولا فعل المكروهات إلا وترقى لفعل الحرام وكان يقول من رأيته يتعاطى الأسباب التي تخل بالمروءة فلا ترجو له خيرا، قال وذلك كان يدخل مع والد زوجته أو ولدها أو أخيها الحمام أو يكلم أحدا وهو يقضي الحاجة في الخلاء، أو يخرج صوتا بحضرة الناس أو في المسجد، أو يقضي الحاجة قريبا من الناس بحيث يسمعون صوت الخارج من ريح أو بول أو لا يستر شخصه عند البراز ويتكلم بكلام الفساق والأراذل مما يستحي أرباب المروءة أن ينطقوا به ونحو ذلك.
وما رأت عيني إلى وقتي هذا أكثر مروءة من ولد عمي الشيخ أحمد وشخص من جبلية الوالي كان ينام عندنا في المسجد، أما ولد عمي فكان لا يقدر قط يقضي الحاجة وأحد ينظر إليه وقد سافرت معه من مصر إلى المحلة الكبرى في المركب فما قدر على إخراج بول ولا غائط، وكان يطلع البر مع الناس فيجلس فيتخيل أن أحدا ينظر إليه فلا يخرج له شئ ويرجع بلا قضاء حاجة، مع أنه كان يتباعد أكثر من جميع الناس، وأما الشخص الجبلي فسمع مرة صوت ريح من نائم عندنا فامتنع من النوم في المسجد وأكرى له حاصلا وصار ينام فيه خارج المسجد وقال: خفت أن يخرج مني ريح وأنا نائم في المسجد.
وأما أم ولدي عبد الرحمن رضي الله عنها، فلها الآن معي تسع عشرة سنة فما رأيتها قط وهي تقضي حاجتها في خلاء البيت إلى وقتي هذا رضي الله عنها.