قال الحافظ المنذري وروى مرفوعا والوقف أصح، وروى الحاكم وقال صحيح الإسناد مرفوعا:
" " حلوة الدنيا مرة الآخرة، ومرة الدنيا حلوة الآخرة " ".
وروى الطبراني بإسناد حسن مرفوعا: " " من أشرب حب الدنيا التاط منها بثلاث: شقاء لا ينفذ عناه، وحرص لا يبلغ غناه، وأمل لا يبلغ منتاه، فالدنيا طالبة ومطلوبة، فمن طلب الدنيا طلبته الآخرة يدركه الموت فيأخذه، ومن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه " ".
وروى البيهقي مرفوعا: " " هل من أحد يمشي على الماء إلا ابتلت قدماه؟
قالوا: لا يا رسول الله، قال كذلك صاحب الدنيا أي محبها لا يسلم من الذنوب " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام لرسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتمنى الموت إلا إن خفنا على أنفسنا من فتنة في ديننا في هذا الزمان الذي يرى الإنسان دينه في كل يوم ينقص عن اليوم الذي قبله، وهذا الأمر قد وقع من حين انتهى كمال الدين وهو سنة سبع وثلاثين وخمسمائة كما رأيت ذلك في لوح نزل من السماء في واقعة في المنام، وقد أخذت الأمور كلها يا أخي في النقص وصار دين المؤمن ينقص كل يوم الحال الذي قبله، وصار يتصعب على الإنسان القبض على دينه كما يتصعب عليه القبض على جمرة في كفه ليلا ونهارا، فكما ضعف عن دوام القبض على الجمرة كذلك ضعف عن دوام القبض على الدين على حد سواء، فلا يموت الإنسان يوم يموت إلا على أنقص الأحوال، وأول أخذ الدين في النقص من سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، حين أبلغ أهل العلم حدهم وأهل الطريق حدهم، هذا ما رأيته مكتوبا في لوح تجاه مدرسة الشيخ إبراهيم المواهبي الشاذلي بباب الخرق من مصر المحروسة، وكان في سلسلة فضة وقد أشار إلى ذلك الشيخ عبد العزيز الدريني في منظومته وكان في سنة سبعين وخمسمائة يقول:
وقد بدا النقص في الأحوال أجمعها * وبدلت صفوة الأوقات بالكدر وقد مررت في سنة سبع وأربعين وتسعمائة على شيخ قد طعن في السن وهو نائم