يقوم من مجلسه في علم أو صلاة ولو في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ويجلس ذلك الغنى بماله مكانه ويتخلف هو إلى وراء ولا يفعل ذلك مع فقير مثله.
فيحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى السلوك على يد شيخ صادق حتى يخرجه عن محبة الدنيا وتعظيم أهلها ويحبه في الفقراء والمساكين وفي تعظيمهم وإكرامهم، فإن تعظيم أهل الدنيا من لازم من يحبها وتعظيم أهل الله من لازم من يحب الآخرة، وتعظيم الفريقين من لازم من يحب الله لأن الغنى والفقير كلاهما من أهل حضرة الله عز وجل الجامعة لاسمه المعطي والمانع والمعز والمذل. * (والله عليم حكيم) *.
وقد روى أبو داود: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقام له رجل من مجلسه، فذهب ليجلس فيه، فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
روى الشيخان مرفوعا: لا يقيمن أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا أو تفسحوا يفسح الله لكم.
وكان أبو بكرة وابن عمر إذا قام لهما أحد من مجلسه لن يجلسا فيه، ويقولان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك. والله أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نتهاون بترك معاونة من قام من مجلسه ورجع عن قرب وأراد أن يجلس فيه لا سيما إن كان بسط مكانه سجادة أو وضع رداءه مكانه ونحو ذلك، وهذه المسألة خلاف من يرسل له سجادة يبسطها في مكان قبل حضوره، فافهم فإنه لا حق له في الجلوس في ذلك المكان وليس له أن يقيم من رفع السجادة وجلس مكانها لأن الشارع ما جعل الحق إلا لمن كان جالسا ثم قام لا لمن أرسل سجادته قبله، مع أن في ذلك تحجيرا على الناس فافهم.
روى مسلم وأبو داود وابن ماجة مرفوعا:
" " إذا قام أحدكم من مجلس ثم رجع إليه فهو أحق به " ".
وروى ابن ماجة وابن حبان في صحيحه مرفوعا:
" " الرجل أحق بمجلسه، فإذا ذهب لحاجة ثم رجع فهو أحق بمجلسه " ".
والله تعالى أعلم