للولاة على رد الجزاء السئ عنكم فاعذروهم بما تعذرون به نفوسكم، فأسسوا هذا الأساس أولا ثم انسبوا لهم الظلم ولنفسكم العوج، واستغفروا الله كلكم، لأن التوبة هي الرجوع إلى تقدير الله، وإنه لا راد لما قضى ". وفى هذا أدب عظيم مع الحق تعالى باطنا، لكن لما كان فيه رائحة لإقامة الحجة على ربه وجب عليه إخفائه وإظهار أنه عصى باختياره واستحق العقوبة، ومن لم ينظر بهاتين العينين فهو أعور من فقيه وفقير.
* (والله غفور رحيم) *.
روى أبو داود وابن حبان في صحيحه مرفوعا:
" " إذا أراد الله بالأمير خيرا جعل له وزير صدق، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك، جعل له وزير سوء، إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه " ".
وفى رواية للنسائي مرفوعا: " " من ولى منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه " ".
روى البخاري والنسائي مرفوعا: " " ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانة تأمره بالمعروف، وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصم الله " ".
وفى رواية: " " وهو إلى من يغلب منهما " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر سواء أنفسنا وغيرنا فإن كلاهما واجب.
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى سلوك على يد شيخ صادق يعرفه طرق السياسة ليدخل منها إلى حضرة انقياد الناس له، فإن كثيرا من الناس يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر من غير سياسة، فيزداد المنكر بقيام نفس ذلك العاصي أو الظالم مثلا.
وقد رأيت فقيها مر في الحمام على شخص مكشوف الفخذين فوكزه برجله باحتقار وازدراء، وقال حرام عليك هذا، فقال الشخص جكارة فيك يا فقيه أن أرمي المئزر أصلا فرماه جكارة في الفقيه، ولو أنه كان يعرف طرق السياسة لجلس إليه برفق،