وفي رواية للبخاري: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء.
المخنث بفتح النون وكسرها: من فيه انخناث وهو التكسر والتثني كما يفعله النساء، كالذي يفعل الفاحشة الكبرى.
وروى أبو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهما:
لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل.
وروى أبو داود: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد خضب يديه ورجليه بالحناء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " " ما بال هذا؟ قالوا تشبه بالنساء، فأمر به فنفي إلى البقيع، فقيل: يا رسول الله ألا نقتله؟ قال:
إني نهيت عن قتل المصلين " ". والأحاديث في ذلك كثيرة. والله أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن لا نلبس لباس شهرة ولا لباس فخر ولا مباهاة، كأن نلبس المرقعات الملونة من رقع خضر وصفر وحمر وسود ونحو ذلك، كما يفعله الفقراء الأحمدية والقادرية ونحوهما، أو نلبس بشتا من ليف وخوص أو حلفاء أو جلودا منزوعة الشعر أو طرطور جلد أو خوص مكشوفا بغير عمامة أو شملة حمراء أو خضراء أو نحوهما، أو نلبس طيلسانا رقيقا أو جبة نقية البياض جدا ونحو ذلك إلا بنية صحيحة شرعية.
وقد كان الأشياخ في العصر المتقدم لا يلبسون الرقعة إلا من قلة الحلال، فكانوا إذا تقطع لهم ثوب أو رداء يرقعونه بحسب ما يجدونه من الحلال ولا يلتزمون لونا خاصا، فكانت ثيابهم على طول تصير ملونات من غير قصد بخلاف من يأخذ الرقع من حلال وحرام أو يأخذ الخرقة الكبيرة فيقطعها على قدر هوى نفسه من غير تخرق تحتها ونحو ذلك، فإن ذلك معدود من رعونات النفوس.
واعلم أن الأشياخ في الزمن المتقدم كانوا يعرفون نفاسة الطريق، وكانوا لا يأذنون للمريد في لبس الجبة من التصوف إلا بعد فراغه من تهذيب نفسه ورياضتها، ثم إن الشيخ