ألا من أعطى شيئا لغير الله فليأت به فيأتي الرجل بالثياب الفاخرة والأطعمة النفيسة والأمور التي تهواها النفوس فيكاد الرجل من الحياء أن يذوب ويسقط لحم وجهه.
وبالجملة فمعاملة الله تعالى تابعة لمعرفته كثرة وقلة.
فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح إن طلبت أن تعرف صفاء المعاملة مع الله تعالى، وإن لم تسلك كما ذكرنا فمن لازمك عدم صفاء المعاملة كما هو مشاهد فيمن يسأل الأغنياء بالله من الفقراء أن يعطوه رغيفا أو درهما فلا يعطونه، ويمر على نحو الألف نفس أو أكثر فلا يلتفتون إليه، ولو أنهم كانوا جالسين بحضرة ملك من ملوك الدنيا وسألهم أرذل الناس بحياة رأس الملك أن يعطوه رغيفا أو درهما لأعطوه المائة رغيف أو الدينار الذهب أو أكثر، مراعاة لوجه العظيم، فأيهما أعظم عند هؤلاء قدرا حينئذ: الله أو ذلك الملك؟
فانظر وتأمل في نقص إيمانك وقلة تعظيمك لله تعالى، يا أخي وتب واستغفر وتشهد، لتسلم الإسلام الكامل، فإن الله تعالى يعامل العبد بحسب ما في قلبه من التعظيم وغيره، ولو أن إنسانا قال السلطان أعظم عندي من الله تعالى لحكم الشرع بقتله أشر قتلة لكفره بعد إيمان فتأمل.
* (والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) *.
روى أبو داود وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وبيده عصا وقد علق رجل قنو حشف فجعل يطعن في ذلك القنو ويقول: لو شاء رب هذه الصدقة تصدق بأطيب من هذا، إن رب هذه الصدقة يأكل حشفا يوم القيامة.
وروى ابن خزيمة في صحيحه مرفوعا:
" " خير الصدقة ما أبقت غني، واليد العليا خير من اليد السفلى " ". والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نسر بصدقاتنا المندوبة دون المفروضة على وزان الصلاة إلا ما استثنى مما تسن الجماعة فيه امتثالا لأمر الله عز وجل، لا لطلب الأجر والثواب، فإن الشارع صلى الله عليه وسلم قد وعد