وفي رواية له أيضا عن ابن أمامة مرفوعا أن لقمان عليه السلام قال لابنه: يا بني عليك بمجالسة العلماء واسمع كلام الحكماء، فإن الله تعالى ليحي القلب الميت بنو الحكمة كما يحي الأرض الميتة بوابل المطر.
قال الحافظ العبدري: ولعل هذا الحديث موقوف.
وروى أبو يعلي ورواته رواة الصحيح إلا واحدا عن ابن عباس قال:
قيل يا رسول الله أي جلسائنا خير: قال من ذكركم الله رؤيته وزاد في علمكم منطقه وذكركم بالآخرة علمه. والله تعالى أعلم.
(أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نكرم العلماء ونجلهم ونوقرهم ولا نرى لنا قدرة على مكافأتهم ولو أعطيناهم جميع ما نملك، أو خدمناهم العمر كله، وهذا العهد قد أخل به غالب طلبة العلم والمريدين في طريق الصوفية الآن حتى لا نكاد نرى أحدا منهم يقوم بواجب حق معلمه، وهذا داء عظيم في الدين مؤذن باستهانة العلم وبأمر من أمرنا بإجلال العلماء صلى الله عليه وسلم، فصار أحدهم يفخر على شيخه حتى صار شيخه يداهنه ويمالقه حتى يسكت عنه، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وقد بلغنا عن الإمام النووي أنه دعاه يوما شيخه الكمال الإربلي ليأكل معه، فقال يا سيدي أعفني من ذلك. فإن لي عذرا شرعيا فتركه، فسأله بعض إخوانه ما ذلك العذر؟ فقال أخاف أن تسبق عين شيخي إلى لقمة فآكلها وأنا لا أشعر.
وكان رضي الله عنه إذا خرج للدرس ليقرأ على شيخه يتصدق عنه في الطريق بما تيسر ويقول اللهم استر عني عيب معلمي حتى لا تقع عيني له على نقيصة ولا يبلغني عنه عن أحد رضي الله عنه. ثم من أقل آفات سوء أدبك يا أخي مع الشيخ أنك تحرم فوائده، فإما بكتمها عنك بغضا فيك وإما أن لسانه ينعقد عن إيضاح المعاني لك، فلا تتحصل من كلامه على شئ تعتمد عليه عقوبة لك، فإذا جاءه شخص من المتأدبين معه انطلق لسانه له لموضع صدقة وأدبه معه، فعلم أنه ينبغي للطالب أن يخاطب شيخه بالإجلال والإطراق وغض البصر كما يخاطب الملوك ولا يجادله قط بعلم استفادة منه في وقت آخر على سبيل التعرف، فيقول يا سيدي سمعناكم تقررون لنا أمس خلاف هذا