وقالوا: كل من ادعى أنه أخوك فزنه بهذا الميزان فإن أوفي به فتردد إليه وإلا خف رجلك عنه فإن من لا ينفعك في الدنيا لا ينفعك في الآخرة.
وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول: لا يخلو من يطلب منك شيئا من الإخوان وتمنعه أن تكون اطلعت من طريق كشفك أن ليس هو له أو هو له فإن كان ليس هو له فأعطه له لتخرج عن وصفك بالبخل وسوف يرجع إليك لأنه لم يقسم له، وإن كان هو له فأعطه له اختيارا قبل أن يصل إليه اضطرارا ولو بالغصب والسرقة.
وقد من الله علي بسهولة [بذل؟؟] كل ما يطلب مني من الثياب والمال والاختصاصات وغيرها فلا أمنع أحدا شيئا طلبه مني إلا بوجه شرعي، إما أن يكون هناك من هو أحوج إلى ذلك الشئ منه وإما لكونه يستعين به على معاصي الله أو على أكل الشهوات المكروهة، وأما شخص عدم الموانع الشرعية كلها فمعاذ الله أن نمنعه لأن تصرفنا في مال الحق تعالى كتصرف الوكيل، وتعرف أننا متى منعنا من أمرنا الحق بإعطائه عزلنا من الوكالة فتتحول عنا النعم وتفر الخلائق الذين حولنا.
وقد أنشدني سيدي عليا الخواص رحمه الله يوما على لسان مريد من الفقراء:
يا عم؟؟ حيضان الورود ملانة * وحوض فارغ ما عليه ورود فعلم أن الفاسق ينبغي بغضه في الله لفقد الصفات الصالحة التي ندبنا الحق إلى محبته لأجلها، ومتى أحببنا فاسقا من حيث فسقه فقد خرجنا عن الشريعة، فليتفقد من يريد أن يحب لله ويبغض لله نفسه قبل أن يحب بالطبع ويكره بالطبع كما هو واقع في أكثر الناس، فما دام الشخص موافقا للناس على أغراضهم النفسانية فهم يحبونه ويشكرونه ولو كان فاسقا، ومتى تكدروا منه قامت عليه القيامة ولو كان على عبادة الثقلين.
وسمعت شخصا يدعي محبة أخي أفضل الدين وهو يقول له: رح واستكف البلاء فقال: والله إني أحبك وأسأل الله تعالى أن يحشرني معك في الآخرة، فقال له أخي وأي شئ تفعل إذا حشروني إلى النار؟ قال أفارقك وأروح، فقال ليست هذه بأخوة إنما الأخوة أن لا تدخل الجنة حتى أخلص من النار وتدخلني معك فقال لا أطيق.
وقد ادعى إنسان محبتي في طريق الحجاز وصار ملازما لي فلا يكاد يفارقني فجمعني أنا وإياه مضيق شق العجوز فزاحمت جمالي جماله فدفع جملي فوقع بحمله فمن ذلك اليوم سقط من عيني وعلمت أنه في الآخرة أقل مساعدة لي.