هذا أنه له مثل ركبة العنزة موضع السجود وله شعرة مضفورة وهي مكشوفة ويذكر الله معنا كل مجلس حتى يصير له رغاء كرغاء البعير من الهيام، فأتى هذا الشيخ إلى الشيخ محمد السنهوري، وقال يا أخي أعجبني خبرك ولي بنت عظيمة الجمال ما أحببت أن أحدا يأخذها غيرك، وأعطوني فيها ثلاثين دينارا وأنا أرضى منك بعشرين دينار، فأتى بهم الضرير له في صرة وقال تحضر عبد الوهاب معنا، فقال أما ترضى أن يكون الله شاهدا لك، فقال الضرير نعم، فأخذهم وراحوا إلى يوم تاريخه.
وكذلك حكى لي من أثق به قال: حضرت شخصا يقبض شخصا سبعمائة دينار، وكان القابض يظهر الدين والورع فقلت له أنا لا أتحمل شهادة ولكن أما ترضيا بالله والملائكة الكرام الكاتبين التي معكما ومعي شهودا فإن الله تعالى يقبل شهادتهم علينا في الأعمال فقال المقبض رضيت فكتبت به ورقة صغيرة صورتها أقبض فلان فلانا سبعمائة دينار، ورضي المقبض بشهادة الله تعالى والملائكة وأخذ الورقة في رأسه فبعد مدة يسيرة رأيت في المنام أنه جحده، فقلت له طالبه فطالبه، فقال له ليس لك معي شئ، فقال أما تذكر شهادة الملائكة فمضى القابض إلى القاضي وقال شخص يدعي على بسبعمائة دينار وشهوده الملائكة فقال ائتني به أعزره، فلولا لطف الله تعالى بأن شخصا سمع الواقعة وهو فوق سطح لا يراه حتى شهد لراحت الفلوس كلها، قال: والله ما كان عندي أن أحدا يشهد الله والملائكة ويخون أبدا.
فإياك يا أخي أن تثق بأحد في هذا الزمان وتدع عنده وديعة بلا شهود إلا بعد تجربة طويلة.
وأخبرتني السيدة أم الحسن زوجتي ابنة سيدي أبي السعود ابن الشيخ مدين، وكانت من الصالحات الخيرات الدينات الصادقات، أن شخصا جاء يصلي في زاوية جدها فرأى تاجرا من جماعة الشيخ داخلا في الخلوة بألف دينار، فعمل أعمى وصار ذلك التاجر يطعمه ويسقيه ويكسوه مدة سنة وهو يعتقد أن أعمى، وهو يترقب غياب التاجر ليخونه في الألف دينار إلى أن غاب التاجر ليلة في مولد فكسر الأعمى المتفعل قفل الصندوق وأخذ الألف دينار وهرب بها إلى الصعيد وصار بها تاجرا له عبيد وأصحاب، فانظر صبر هذا الأعمى سنة وما أحد من أهل الزاوية يشعر به أنه بصير حقيقة في ليل أو نهار، وكان كل من في الحارة والزاوية يتبرك به لما هو عليه من الصوم وقيام الليل وقلة الكلام والورع هذا في الأموال.