يجد أسقاه الماء، وكان يقول أحيوا هذه السنة فإن بها تأتلف القلوب، ويقوى شعار الدين وتتعاضد القلوب ببعضها بعضا، وكان يقول: إذا دخل أحد من الأكابر عليكم فلا تغيروا ملبوسكم لأجل قدومه إلا بنية صالحة، وكذلك إذا دعيتم لشفاعة أو جنازة. ثم يحكى عن الفضيل بن عياض أنه كان يقول: لو قيل لي إن فلانا داخل عليك فسويت لحيتي بيدي لقدومه وأنا غافل عن نية صالحة في ذلك لخشيت أن أكتب في جريدة المنافقين.
وسمعت سيدي محمد المنير رضي الله عنه يقول: ليتحفظ الفقير إذا دخل عليه أمير كل التحفظ، فإن كان يعلم من نفسه أنه يأمره بمعروف وينهاه عن منكر فليقابله، وإلا فليقل له أحد إن فلانا ما هو هنا ويشير إلى مكان بعينه في نفسه وأين من يدخل عليه الباشات أو الدفتردار مثلا وعليه ثوب حرير فيقول له: هذا حرام عليك فانزعه، وإلا فلا تعد تدخل علينا هذا أمر قليل وقوعه جدا، فالهروب من مقابلتهم أولى والسلام.
وسمعت سيدي عليا الخواص يقول: من أدب الزيارة للملوك أن يدخل الزائر إليهم أعمى ويخرج من عندهم أخرس.
فتأمل يا أخي ما ذكرته لك في هذا الدهليز إلى العمل بالعهد ثم زر أو اترك والله يتولى هداك.
روى مسلم مرفوعا: " " أن رجلا زار أخا له في قرية فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية؟
قال: هل له عليك من نعمة تربيها؟ قال: لا غير أني أحببته في الله، قال:
فإني رسول الله إليك، فإن الله قد أحبك كما أحببته فيه " ".
والمدرجة: الطريق، ومعنى تربيها: أي تقوم بها وتسعى في صلاحها وتكافئه عليها.
وروى ابن ماجة والترمذي وحسنه ابن حبان في صحيحه مرفوعا:
" " من عاد مريضا أو زار أخا في الله ناداه مناد: بأن " " طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا " ".
وفي رواية للبزار وأبى يعلى مرفوعا:
" " ما من عبد أتاه أخوه يزوره في الله إلا ناداه مناد من السماء أن طبت