ولو دفنوني تحت ألفي قامة * تخلخلت من بين التراب وجئت وأنشدوا أيضا:
زر من هويت وإن شطت بك الدار * وحال من دونه حجب وأستار لا يمنعك بعد من زيارته * إن المحب لمن يهواه زوار وخرجت مرة مع سيدي محمد بن عنان لشخص من الفقراء اسمه الشيخ عبد الودود بنواحي قلعة الجبل بمصر، فلما أقبل عليه الشيخ حجل بين يديه فرحا بقدومه كما حجل بعض الصحابة بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم زائرا، وكذلك كان يفعل الشيخ أبو بكر الحديدي إذا قدم عليه فقير.
وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: لا ينبغي لفقير أن يزور أحدا من إخوانه إلا بشئ من القوت ولو رغيفا، فإن لم يجد شيئا فليدع له بظهر الغيب فإنها هدية في صحيفته يوم القيامة، وهي أنفع من رغيف يعني بيقين.
وسمعت أخي أفضل الدين رحمه الله يقول: لا تدخلوا لزيارة عالم أو صالح إلا وميزان إنكاركم مكسرة خوفا عليكم من المقت، فإنه أعلم منكم بيقين " والجاهلون لأهل العلم أعداء " لعدم وصولهم إلى مراتبهم، وكم ممن دخل على عالم أو صالح بدين فخرج بلا دين فحرروا نيتكم قبل الدخول، فإن لم يصح لكم إخلاص فارجعوا.
وكان أخي الشيخ الصالح محمد الصندفاوي يقول: ربما أمكث السنة أو أكثر وأنا مشتاق إلى زيارة بعض الإخوان في أجد نية صالحة أزوره بها فعاتبني مرة على طول غيبتي فقلت له حتى وجدت لي نية صالحة جئتك بها، فقال جزاك الله تعالى خيرا.
وسمعت شيخنا الشيخ عبد القادر الشاذلي رحمه الله يقول: إذا خرج أحدكم لزيارة فلا يخرج إلا بعد صلاة ركعتين ثم يقول بتوجه تام: اللهم إن كان في علمك أن أحدا من الإخوان خرج لزيارتي من بيته فعوقني عن الخروج، وإن كان لم يخرج فعوقه في البيت حتى أذهب إليه لئلا نتعب نحن وهو من غير ملاقاة، فإن للقاء لذة ليست كغيره.
كما حكى أن أعرابيا ضاع له بعير فكان ينادى ألا من رأى البعير الفلاني فهو له، فقال له: إنسان فما فائدة وجوده؟ قال: لذة اللقاء لا غير.