النهار، وأكلهم الحرام والشبهات والتعاون عند الظلمة في ظلم بعضهم بعضا " ".
وقد سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول: " " لم يزل الحق تعالى ينظر إلى هذه الأمة المحمدية بعين الرعاية والحفظ من الآفات ظاهرا وباطنا، وإنما سلط عليهم الحكام بالجور والظلم ليجبر تعالى خلل ما فرطوا فيه من العبادات، وربما كانت البلايا والمحن في حقهم أنفع لهم من الصدقات والخيرات وأكثر أجرا وأثقل في موازينهم " ".
وكان سيدي إبراهيم المتبولي رضي الله عنه يولى الناس الملاح عند الظلمة وأهل المكوس ويقول: " " إذا وقف أحدكم في هذه الوظيفة وعمل فيها خيرا وستر على من يراه من التجار والسوقة ولم يأخذ منها شيئا، كان أفضل له من أن يجلس يسبح الله تعالى في سبحة، وكان يقول لهم: " " إياكم أن تقفوا لمصلحة نفوسكم وحرروا نيتكم على مصالح المسلمين، وكل من قدرتم عليه من الهاربين من المكس فاكتموا أمره عن المكاسين " ".
وكان سيدي علي الخواص رحمه الله يقول لصاحب الجهة: " " لا تظن أن تقريطك؟؟ على الناس يكثر مالك، وإنما يكثره تفريج الناس من المكس، فتخرج من وظيفتك سالما من الديون السلطانية لكونك قللت من مظالمك لله تعالى " ". وكان يقول: " " أعطوا الخفراء عادتهم إذا جئتم إلى مصر من الحجاز أو الشام على وجهة؟؟ أن ذلك خفارة لا مكس، فإنكم ما جئتم إلا في ظل سيف السلطان، ولولا وجود السلطان ما استطاع أحد منكم أن يخرج إلى البراري بماله وحريمه " "، وكان يقول: " " أخفوا عن المكاسين كل ما قدرتم على إخفائه، فإن خفتم ضررا من إخفائكم فأعطوهم عادتهم، فربما غمز أحد عليكن فصرتم تسألونهم بأضعاف ما كانوا يأخذونه منكم فلا يرضون، وربما حبسوكم وضربوكم " "، وكان يقول: " " لو أن التجار قاموا بما عليهم لله تعالى في أموالهم من الصدقات الواجبة والمستحبة لم يسلط عليهم مكاسا ولا ظالما، لكن لما بخلوا ومنعوا حق الله تعالى سلط الله تعالى عليهم الظلمة " "، قال: " " ونرجو من فضل الله تعالى في الآخرة أن يخفف بذلك حسابهم كما يفعل بجميع المظالم " ". قال تعالى:
* (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) *.
فاعلم أن وجود الصالحين والوزراء الناصحين تابع لأعمال الخلائق من الرعية استقامة وعوجا، فإن قال الرعية " نحن لا نقدر أن نستقيم في أعمالنا " قلنا لهم " فاعذروا ولاتكم فإنهم عنكم تفرعوا، فكما لا قدرة لكم على الكف عن الأعمال السيئة فكذلك لا قدرة