لا يحرم الكحل للصبي باللبن ولا صبه في العين أو الاذن ولا الحقنة به ولا مداواة الجائفة به ولا المأمومة به ولا تقطيره في الإحليل قالوا: فلو طبخ طعام بلبن امرأة حتى صار مرقة نضجة وكان اللبن ظاهرا فيها غالبا عليها بلونه وطعمه فاطعمه صغير ألم يحرم ذلك عليه نكاح التي اللبن منها ولا نكاح بناتها وكذلك لو ثرد له خبز في لبن امرأة فاكله كله لم يقع بذلك تحريم أصلا فلو شربه كان محرما كالرضاع * وأما الخلاف في ذلك فإنه قال أبو حنيفة. ومالك. والشافعي: السعوط. والوجور يحرمان كتحريم الرضاع وقد تناقضوا في هذا على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى، وروينا عن الشعبي ان السعوط والوجور يحرمان * قال أبو محمد: احتج أهل هذه المقالة بان قالوا: صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (إنما الرضاعة من المجاعة) قالوا: فلما جعل عليه الصلاة والسلام الرضاعة المحرمة ما استعمل لطرد الجوع كان ذلك موجودا في السقي والاكل فقلنا: هذا لا حجة لكم فيه لوجهين، أحدهما ان المعنى الذي ذكرتم لأي وجود في السعوط لأنه لا يرفع به شئ من الجوع. فان لجوا وقالوا: بل يدفع قلنا لأصحاب أبي حنيفة: ان حظ السعوط من ذلك كحظ الكحل والتقطير في العين باللبن سواء سواء لان كل ذلك واصل إلى الحلق إلى الجوف فلم فرقتم بين الكحل به وبين السعوط به؟ هذا وأنتم تقولون: ان من قطر شيئا من الادهان في اذنه وهو صائم فإنه يفطر وكذلك ان احتقن فإن كان ذلك يصل إلى الجوف فلم لم يحرموا به في اللبن يحقن بها أو يكتحل به وإن كان لا يصل إلى الجوف فلم فطرتم به الصائم؟ وهذا تلاعب لاخفاء به، وقال مالك: ان جعل لبن المرأة في طعام وطبخ وغاب اللبن أو صب في ماء فكان الماء هو الغالب فسقى الصغير ذلك الماء أو أطعم ذلك الطعام لم يقع به التحريم، وأيضا فإنهم يحرمون بالنقطة تصل إلى جوفه وهي لا تدفع عندهم شيئا من المجاعة (1) فظهر خلافهم للخبر الذي موهوا بأنهم يحتجون به، والوجه الثاني ان هذا الخبر حجة لنا لأنه عليه الصلاة والسلام إنما حرم بالرضاعة التي تقابل بها المجاعة ولم يحرم بغيرها شيئا فلا يقع تحريم بما قوبلت به المجاعة من أكل أو شرب أو وجور أو غير ذلك الا أن يكون رضاعة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون) فان موهوا بما روينا من طريق عبد الرزاق نا ابن جريج انا عبد الكريم ان سالم بن أبي الجعد مولى الأشجعي حدثه ان أباه أخبره انه سأل علي بن أبي طالب فقال: انى أردت ان أتزوج امرأة وقد سقتني من لبنها وأنا كبير تداويت به
(٨)