سألت مجاهدا عن جارية من عرض الناس أرضعتها امرأة أبى أترى لي ان أتزوجها؟
فقال: اختلف فيها الفقهاء فلست أقول شيئا، وسألت ابن سيرين فقال: مثل قول مجاهد * قال أبو محمد: فنظرنا في ذلك فوجدنا ما رويناه من طريق مسلم بن الحجاج نا حرملة بن يحيى التجيبي أنا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها أخبرته (أنه جاء أفلح أخو أبى القعيس ليس يستأذن عليها بعد الحجاب وكان أبو القعيس أبا عائشة من الرضاعة (قالت عائشة: فقلت:
والله لا آذن لافلح حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فان أبا القعيس هو الذي أرضعني ولكن أرضعتني امرأته فلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله ان أفلح أخا أبى القعيس جاء يستأذن على فكرهت أن آذن له حتى استأذنك قالت: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ائذني له) * ونا محمد بن سعيد بن نبات نا إسماعيل بن إسحاق النصري أنا عيسى ابن حبيب القاضي نا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرى حدثني جدي محمد ابن عبد الله نا سفيان بن عيينة عن الزهري وهشام بن عروة كلاهما عن عروة عن عائشة أم المؤمنين يزيد أحدهما على صاحبه قالت: (جاء عمى بعد ما ضرب الحجاب فاستأذن على فلم آذن له فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائذني له فإنه عمك فقلت: يا رسول الله فإنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل قال: تربت يمينك ائذني له فإنه عمك) * ومن طريق مسلم نا عبد الله ابن معاذ العنبري نا أبى نا شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت: (استأذن على أفلح بن قعيس فأبيت ان آذن له فأرسل إلى انى عمك أرضعتك امرأة أخي فأبيت ان آذن له فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: ليدخل عليك فإنه عمك) فكان هذا خبرا لا تجوز مخالفته وهو (1) زائد على ما في القرآن * وأما الحنيفيون والمالكيون. فتناقضوا ههنا أقبح تناقض لان كلتا الطائفتين تقول: إذا روى الصاحب خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عن ذلك الصاحب خلاف ما روى فهو دليل على نسخ ذلك الخبر، قالوا ذلك في مواضع، منها ما روى عن جابر في ولد المدبرة انه يعتق في عتقها ويرق في رقها فادعوا ان هذا خلاف لما روى عن جابر (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم باع مدبرا، والعجب أنه ليس خلافا لما روى بل هو موافق لبيع المدبر لان فيه يرق برقها * قال أبو محمد: وهذا خبر لم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الا عائشة وحدها وقد