قال أبو محمد: ما نعلم لهم شيئا يشغبون به (1) الا هذا وكله لا حجة لهم في شئ منه أما حديث اليهودي الذي رضخ رأس الجارية على أوضاحها فليس فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشاور وليها ولا انه شاوره ولا أنه قال اختار لولى المقتول في الغيلة أو الحرابة فإذ لم يقل ذلك عليه الصلاة والسلام فلا يحل لمسلم أن ينسب ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكذب عليه ويقول عليه ما لم يقل فكيف وهذا الخبر حجة عليهم فإنهم لا يختلفون (2) في أن قاتل الغيلة أو الحرابة لا يجوز البتة أن يقتل رضخا في الرأس بالحجارة ولا رجما وهذا مالا يقوله أحد من الناس فصح يقينا إذ قتله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رضخا بالحجارة انه إنما قتله قودا بالحجارة وإذ قتله قودا بها فحكم قتل القود أن يكون بالخيار في ذلك أو العفو للولي وإذ ذلك كذلك بلا شك فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين " إلى آخره، فنحن على يقين من أن فرضا على كل أحد أن يضم هذا الحكم إلى هذا الخبر وليس سكوت الرواة عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خير وليها بمسقط ما أوجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتل من تخيير وليه بل بلا شك في أنه عليه الصلاة والسلام لم يخالف ما أمر به، ولا يخلو هذا مما ذكرنا من قبول الزيادة المروية في سائر النصوص أصلا، ولو كان هذا الفعل تخصيصا أو نسخا لبينه عليه السلام فبطل تعلقهم، وبالله تعالى التوفيق * وأما حديث العرنيين فلا حجة لهم فيه أيضا لما ذكرنا في هذا الخبر سواء سواء من أنه ليس فيه أنه عليه الصلاة والسلام لم يشاور أولياء الرعاء إن كان لهم أولياء ولا أنه قال: لاخيار في هذا لولى المقتول فإذ ليس فيه شئ من هذا فلا حجة لهم ولا لنا بهذا الخبر في هذه المسألة خاصة فوجب علينا طلب حكمها بموضع آخر، ثم إن هذا الخبر حجة عليهم لما روينا من طريق مسلم نا يحيى بن يحيى التميمي نا هشيم عن عبد العزيز بن صهيب وحميد عن أنس أن ناسا من عرينة قدموا وذكر الحديث وفيه أنهم قتلوا الرعاء وارتدوا عن الاسلام وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبعث في آثارهم فاتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا * قال أبو محمد: فهؤلاء ارتدوا عن الاسلام والمالكيون هم على خلاف هذا الحكم من وجوه ثلاثة، أحدها انه لا يقتل المرتد عندهم ولا عندنا هذه القتلة أصلا، والثاني أنه لا يقتص عندهم من المرتد وإنما هو عندهم القتل أو الترك ان تاب، والثالث انهم يقولون باستتابة المرتد وليس في هذا الحديث ذكر استتابته
(٥٢٠)