بغسل الملاقي، فإذا قال الطبيب: اغسل فمك إذا شربت الدواء الفلاني لا ينقدح في الذهن إلا نجاستها وقذارتها، تأمل.
فالشبهة في دلالة تلك الروايات من الوسوسة، وكابداء احتمالات عقلية في مقابل الظهور العرفي والدلالة الواضحة، ومعه لا يبقى مجال لما أطنبنا من سرد طوائف من الروايات في مقابلها، فإن الروايات الواردة في العلل بعد الغض عن أسنادها لا تصلح لصرف الظواهر بعد وضوح أن العلل فيها من قبيل تقريبات لا علل واقعية، ولهذا ترى فيها التعليل لشئ واحد بأمور مختلفة، ففي المقام علل اغتسال الميت تارة بتنظيفه وتطهيره عن أدناس الأمراض، وما أصابه من صنوف علله، فجعل ما ذكر علة، وأخرى بأن الغالب عليه النجاسة والآفة، فجعل النجاسة العارضة علة، مع أن آفة المرض أسبق من النجاسة العارضة في حال المرض، وثالثة بخروج المني الذي خلق منه حين الموت، مع أنه متأخر عنهما، مضافا إلى أن الروايات الواردة في علة اغتسال الميت غسل الجنابة ضعاف غالبا مجهولة المراد، بل موهونة المتن لا يمكن الاتكال عليها في اثبات حكم شرعي.
وأما السكوت عن غسل يد الغاسل وآلات الغسل وما يلاقيه عنده عادة فمع كونه غير مقاوم للأدلة اللفظية الدالة على النجاسة، ومع كون ما وردت في الغسل في مقام بيان حكم آخر أنه بعد ثبوت النجاسة نصا وفتوى لا بد من الالتزام بطهارتها تبعا كآلات نزح البئر، وأما دعوى السكوت عن غسل ملاقيه من حال الموت إلى حال الغسل فغير وجيهة بعد ما وردت الروايات المتقدمة في غسل الثوب واليد الملاقيين لجسد الميت.