ماء البئر الذي يكون من فضالة ماء الحياض التي لها مادة من المنابع التي في الحمامات، فإن الظاهر من مجموع ما وردت في الحمامات أن لها في تلك الأعصار منابع محفوظة لها مزملة، وتحت المزملات حياض صغار متقويات بتلك المنابع بوسيلة المزملات، وكان يغتسل الناس في تلك الحياض وتجري فضالتها إلى محل آخر يقال له البئر.
فما وردت من عدم انفعال ماء الحمام وأنه بمنزلة الجاري (1) يراد به ما في الحياض الصغار المتقوية بالمنابع التي يقال لها المادة، وما بمضمون الموثقة يراد به ماء البئر الذي غير متقو بالمادة، فلا منافاة بينها حتى نحتاج إلى حمل هذه الطائفة على الاستحباب كما صنع صاحب الوسائل، وخرجت عن الاستشهاد بها للمقام، ودعوى اختصاص أقذرية الكلب بولوغه أو أنه أقذر بلحاظها مخالفة لظاهر الدليل كما لا يخفى.
وأما الاستدلال للزوم المرتين في سائر النجاسات بقوله عليه السلام في البول: " إنما هو ماء " (2) مع لزوم المرتين فيه فإذا وجب الغسل في الأهون مرتان يجب في غيره كالمني الذي شدده وجعله أشد من البول كما في الحديث فضعيف، لأن قوله عليه السلام: " هو ماء " يراد به عدم لزوم الدلك لا أهونية نجاسته، كما يراد بأشدية المني احتياجه إليه لا أقذريته من البول، ولهذا قال أبو عبد الله عليه السلام على ما في حديث في إبطال القياس ردا على أبي حنيفة: " أيهما أرجس البول أو الجنابة؟ فقال: البول، فقال أبو عبد الله عليه السلام فما بال الناس يغتسلون من الجنابة ولا يغتسلون من البول " (3) والظاهر أن