لكنها مشكلة بل ممنوعة، فإنه بعد الغض عن كونها في مقام بيان حكم آخر فلا إطلاق فيها من هذه الجهة أن ظاهرها لزوم الغسل بعد ثلاثة أيام في فرض عدم العلم، وإلا فلا وجه للفرق بين ثلاثة أيام وبعدها، فلا بد من حمل الأمر على الاستحباب بعد المخالفة للقواعد، والظاهر عدم التزامهم بمضمونها، مع أنها ضعيفة أيضا، وأما غيرها ففي موارد خاصة لا يمكن إلحاق غيرها بها بدعوى إلقاء الخصوصية بعد اعمال التعبد في بعض الموارد كالبول والولوغ.
ولا لأصالة البراءة عن الغسلة الثانية - بدعوى أن النجاسة في الحكميات انتزاعية من التكليف، فمرجع الشك في زوالها إلى الشك في لزوم المرة أو المرتين، فتدفع الثانية بالأصل ولا يجري الاستصحاب - إذ هي ضعيفة مخالفة لظواهر الأدلة، ولقد قلنا سابقا أنه ليس للشارع المقدس في باب النجاسات اصطلاح خاص، وقد تصرف فيها بالالحاق والاخراج، فالقذارة كما لدى العرف والعقلاء أمر قائم بالجسم باق فيه إلى أن تزول بمزيل ولو في المعنوي منها بنظرهم، فكذلك لدى الشارع، ومع الشك في بقائها يجري الاستصحاب، ولا مجال لجريان أصالة البراءة.
وبالجملة للقذارة مصداقان عرفي وجعلي وضعي، ولا ينبغي الاشكال في جريان الاستصحاب فيها كما في أشباهها.
ولا لقوله عليه السلام: " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ " (1) ضرورة عدم الاطلاق فيه للمقام، ومثله أجنبي عنه.
بل لأن الطهور وإزالة النجاسة لما كانا أمرين معلومين لدى العقلاء، وتكون كيفية حصولهما معهودة معروفة لديهم، ولهم طريقة