وقد قيل باتفاق أئمة الأدب على اشتراط كون الحال مقدرة بمخالفة زمان العامل مع الحال وهو مفقود في المقام، فعلى فرض صحة ذلك يكون هذا الاحتمال مرجوحا، وإن كان انقطاع الاستثناء على سائر الاحتمالات مخالف الظاهر أيضا.
لكن الانصاف أن الاتكال على تلك الرواية مع تلك الاحتمالات الكثيرة لاثبات كل من طرفي الدعوى مشكل، نعم ظاهر مرسلة جميل (1) العفو، فإن قوله عليه السلام: " وإن كان قد رآه صاحبه " إلى آخره وصلية، وإلا يلزم التفصيل بين شبه النضح وغيره في العلم به وعدمه، وهو خلاف الواقع، وعلى الوصلية تكون ظاهرة في العفو، فإن قوله عليه السلام: " فلا بأس به " الخ بيان للجملة المتقدمة، أي لا بأس بالدم ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم فشبه النضح لا بأس به لكن الاتكال عليها مشكل لضعف سندها وعدم جابر له، لأن الأصحاب وإن أفتوا بمضمون روايات الباب لكن لما كانت بينها روايات صحيحة معتمدة لا يظهر منهم الاتكال على تلك المرسلة.
وأما رواية إسماعيل الجعفي (2) وصحيحة محمد بن مسلم (3) فيمكن أن يستدل بهما للطرفين بأن يقال: إن المراد بالدم والثوب جنسهما، فيكون المعنى إن كان جنس الدم في جنس الثوب أقل من قدر الدرهم فلا يعيد. وإن كان أكثر فيعيد، وإطلاقهما شامل للمتفرق، وأن يقال: إن الحكم على طبيعي الدم والثوب وهما صادقتان على المصداق الخارجي الفعلي وليس في الخارج من طبيعة الدم إلا هذا المصداق وذاك وذلك، وكذا الثوب. وأما مجموع الدمين والدماء فليس مصداقا للدم