ولا موجودا في الخارج، وفرض الاجتماع لا يوجب إلا المصداق الفرضي لا الفعلي، وهذا خلاف ظواهر الأدلة، فكل مصداق محقق في الخارج منه أقل من مقدار الدراهم فرضا، وغير ذلك غير موجود خارجا إلا بحسب الفرض والتعليق المخالف للظاهر، فالروايتان دالتان على القول بالعفو إن كان العرف مساعدا لما ذكرناه كما لا يبعد.
ومن هنا يمكن الاستدلال عليه برواية أبي بصير المعمول بها عند الأصحاب عن أبي جعفر أو أبي عبد الله عليهما السلام قال: " لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره غير دم الحيض، فإن قليله وكثيره في الثوب إن رآه وإن لم يره سواء " (1) فإن ما في الخارج شبه النضح مصاديق كثيرة يصدق على كل منها أنها دم لا تبصره، ومجموعها ليس إلا مصداقا تخيليا، إلا أن يكون قوله عليه السلام: " لا تبصره " كناية عن الدم القليل المقابل للكثير، وقلنا بأن العرف يرى الدماء التي على شبه النضح كثيرا.
وتدل على العفو صحيحة الحلبي قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه؟ قال: لا، وإن كثر فلا بأس أيضا بشبهه من الرعاف ينضحه ولا يغسله " (2) فإن الظاهر أن قوله عليه السلام: " ينضحه ولا يغسله " راجع إلى دم البراغيث، لأنه مورد السؤال والجواب وإنما ذكر الرعاف استطرادا وتطفلا، والمنظور الأصلي بيان حكم دم البراغيث، وللمناسبة