كما لا يبعد انصرافها عن بعض أقسام ذي النفس أيضا، لكن يتم فيه بالاجماع، وفي غيره يكون مقتضى الأصل طهارته بعد الانصراف أو عدم إحراز الاطلاق، بل لا وثوق باطلاق معاقد الاجماعات يشمل غير ذي النفس، بل وبعض أفراد ذي النفس، فإن المحتمل من عبارة السيد أن دعواه الاجماع بالنسبة إلى مني الانسان، ولهذا استدل عليها بعد الاجماع بقوله تعالى: " وينزل عليكم من السماء ماءا " الخ، وهو مخصوص بمنيه.
والظاهر من إجماع الخلاف هو مقابل أبي حنيفة المدعي بأنه يغسل رطبا ويفرك يابسا، بقرينة قوله بعد دعواه: " ودليل الاحتياط لأن من أزال ذلك بالغسل صحت صلاته بلا خلاف، وإذا فركه وأزاله بغير الماء فيه خلاف " ثم استدل بالآية المتقدمة.
وفي الغنية: والمني نجس لا يجزي فيه إلا الغسل رطبا كان أو يابسا بدليل الاجماع المذكور، وقوله تعالى: " وينزل عليكم " الخ، ثم استدل بها كما استدل السيد، ولم يظهر منها دعوى الاجماع حتى بالنسبة إلى ما لا نفس له مما يشك في وجود المني له، لكن الانصاف أن إنكار شمول إجماع الخلاف المصرح بأن المني كله نجس من الانسان وغير الانسان والرجل والمرأة لغير ذي النفس مكابرة. مع أنه استدل بالآية أيضا كما استدل بها السيد.
ومن هنا يمكن دعوى شمول معقد إجماع السيد وابن زهرة لمطلق الحيوان ذي النفس وغيره، وإنما استدلوا بالآية في مقابل بعض العامة القائل بالطهارة مطلقا، فاستدلالهم بها لنفي السلب الكلي لا لاثبات جميع المدعى، وإنما دليلهم على جميعة الاجماع والروايات الواردة من الطريقين.