وفيه أن فيها احتمالين: أحدهما أن مراد السائل رفع الشبهة عن عرق الجنب كما وردت فيه روايات يظهر منها أن عرقه كان مورد الشبهة في تلك الأزمنة، فيكون قوله: " أجنب في ثوبه " يعني به أجنب وعليه ثوب فيعرق فيه، لا أن الجنابة وقعت في الثوب.
وثانيهما أن السؤال عن الشبهة الموضوعية كما تقدم في الروايتين المتقدمتين، والشاهد عليه قوله: " أنه يعرق حتى لو شاء " الخ، فكأنه قال: مع كون العرق كذلك كيف يحتمل عدم الملاقاة، ويؤيده أمره بالنضح الذي ورد الأمر في غير مورد من الشبهات الموضوعية، فتكون الرواية من أدلة نجاسته لا طهارته.
ومنها صحيحة زرارة قال: " سألته عن الرجل يجنب في ثوبه، أيتجفف فيه من غسله؟ قال: نعم لا بأس به، إلا أن تكون النطفة فيه رطبة، فإن كانت جافة فلا بأس به " (1).
و الظاهر منها التفصيل بين الرطب والجاف كما نسب ذلك إلى أبي حنيفة، قال السيد في الناصريات: إن أبا حنيفة وأصحابه وإن وافقوا في نجاسته فإنهم يوجبون غسله رطبا ويجزي عندهم فركه يابسا، والظاهر منهم أن ملاقي النطفة ليس بنجس، ولهذا اكتفوا بالفرك، والظاهر أنها صدرت تقية موافقة لمذهبهم فإنها نفت البأس عن النطفة اليابسة، لأن التجفيف مع يبسها لا يوجب إلا الملاقاة معها، وأما التجفيف مع الرطبة فيوجب انتقال أجزائها إلى الجسد، والشيخ البهائي حملها على ما لا يخلو من تعسف وإشكال.
ويمكن أن يقال: إنه مع اليبوسة لا يحصل العلم بسراية النجاسة إلى البدن لاحتمال سبق موضع الطاهر بالبدن وتجفيفه، ومعه لا تسري