ومنها - ما وردت في النهي عن آنيتهم، كصحيحة إسماعيل بن جابر قال: " قال لي أبو عبد الله عليه السلام: لا تأكل ذبائحهم ولا تأكل في آنيتهم - يعني أهل الكتاب - " (1) ونحوها روايته الأخرى (2) وكذا رواية عبد الله بن طلحة (3) وصحيحة محمد بن مسلم قال:
" سألته أبا جعفر عليه السلام عن آنية أهل الذمة والمجوس، فقال:
لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون، ولا في آنيتهم الذي يشربون فيه الخمر " (4) بدعوى أن النهي عنه ظاهر في نجاستهم.
وفيها أن هاهنا احتمالين آخرين أقرب مما ذكر: أحدهما احتمال المرجوحية النفسية، لكون الأكل في آنيتهم أيضا نحو عشرة معهم، والدليل عليه - مضافا إلى أن إطلاقها يقتضي منع الأكل من مطلق أوانيهم سواء كان المأكول يابسا أو لا والآنية يابسة أو لا - رواية زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في آنية المجوس فقال: " إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء " (5) فإن الظاهر منها أن المنع ليس لنجاستهم وإلا لما قيده بالاضطرار، نعم ظاهر الأمر بالغسل نجاسة إنائهم، وإطلاقه يقتضي نجاستهم، وإن أمكن أن يقال: إن إطلاقه يقتضي لزوم غسل إنائهم ولو لم يستعملوها في المايعات أو شك فيه، فيكون الغسل نحو نفور وانزجار عنهم، تأمل ثانيهما أن الأمر بالغسل لكونها مستعملة في أكل النجس وشربه