وكيف كان قد تكرر نقل الاجماع بيننا بل بين المسلمين على نجاسة الخمر، وتدل عليه الآية الكريمة: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " (1) بناءا على أن الرجس بمعنى النجس إما مطلقا أو في المقام، إما لنقل الاجماع في محكي التهذيب على أنه ها هنا بمعنى النجس، أو لمناسبة المقام، فإن الله تعالى فرع وجوب الاجتناب عن المذكورات على كونها رجسا من عمل الشيطان ولا يناسب التفريع على مطلق الرجس المشترك بين ما لا بأس به ولا يجب الاجتناب عنه وبين ما به بأس، فرفع اليد عن ذات العناوين والتفريع على الرجس لا يناسب إلا كونه بمعنى النجس المعهود الذي كان وجوب الاجتناب عنه معهودا بينهم.
ويؤيده إطلاق الرجس على لحم الخنزير أو عليه وعلى الميتة والدم في آية أخرى (2) وإطلاقه على لحم الخنزير والخمر في بعض الروايات، ولا يبعد أن يكون ذلك تبعا للآية، وبناء على أن باب المجازات مطلقا ليس من قبيل استعمال اللفظ في غير ما وضع له، بل من قبيل ادعاء ما ليس بمصداق الماهية حقيقة مصداقها، وتطبيق المعنى الحقيقي الذي استعمل اللفظ فيه عليه كما حقق في محله.
ففي المقام استعمل الرجس في النجس الذي هو أحد معانيه بالتقريب المتقدم، وادعي كون الثلاثة التي بعد الخمر مصداقا له تنزيلا لما ليس بنجس منزلته، لقيام القرينة العقلية عليه، ولم تقم قرينة على التنزيل والادعاء في الخمر، فيحمل على الحقيقة فتثبت نجاستها، لكن بعد اللتيا واللتي إثبات نجاستها بالآية محل إشكال ومناقشة لا مجال للتفصيل حولها.