الروايات بلفظ «يكره» لا يكون المراد منه الكراهة المصطلحة بعد عصرهم (عليهم السلام)، بل في نفس الرواية شاهد على ذلك:
فعن «دعائم الإسلام» عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إنما الحكرة أن يشتري طعاما ليس في المصر غيره فيحتكره، فإن كان في المصر طعام أو متاع غيره، أو كان كثيرا يجد الناس ما يشترون، فلا بأس به، وإن لم يوجد فإنه يكره أن يحتكر، وإنما النهي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن الحكرة; أن رجلا من قريش يقال له: حكيم بن حزام، كان إذا دخل على المدينة بطعام اشتراه كله، فمر عليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له: يا حكيم، إياك أن تحتكر» (1).
ومن الظاهر أن الكراهة هي الحرمة بعد نهي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقوله:
«إياك أن تحتكر» الدال على التحريم بوجه أكيد.
ومنها يظهر الكلام في صحيحة الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يحتكر الطعام، ويتربص به، هل يصلح ذلك؟
فقال: «إن كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به، وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس، فإنه يكره أن يحتكر الطعام، ويترك الناس ليس لهم طعام» (2).
إذ من المعلوم: أن قوله (عليه السلام): «لا بأس به» في جواب «هل يصلح؟» يراد به جوازه، والمفهوم منه عدمه عند عدم الشرط، فيكون قوله (عليه السلام): «يكره» بيان المفهوم.