تشتري طعاما وليس في المصر غيره فتحتكره...» إلى آخرها (1)، وما في هذه الصحيحة موافق للاعتبار، ومناسب للحكم والموضوع.
وكما أن رضا الشارع ببقاء الناس في الشدة والبلاء ثلاثة أيام، بعيد جدا، فلا بد من حمل الموثقة (2) على الغالب; أي سعة الناس نوعا في قوتهم إلى ثلاثة أيام حتى في الشدة، وعدم سعتهم حتى في الرخاء والخصب بعد الأربعين، ولا سيما في تلك الأعصار.
ومنه يظهر عدم قرينية ما ذكر على الكراهة مطلقا; فالميزان في حرمة الحكرة هو احتياج الناس، وعدم الباذل، كما يظهر من صحيحة الحلبي.
مع أن الحمل على الكراهة في الشدة بالتقريب المذكور، ليس بأولى من العكس; بأن يقال: إن الحرمة في الزائد على الثلاثة في الشدة، قرينة على أنه في الخصب أيضا يحرم الاحتكار زائدا على الأربعين، مع أن التفكيك بين الجمل في رواية واحدة ليس بعزيز، فلو دل دليل على عدم الحرمة في الخصب مطلقا، رفعت اليد عن الظهور بالنسبة إليه، لا بالنسبة إلى قرينه.
ولو حصل الإجمال لعدم الترجيح، يرجع إلى سائر الروايات الدالة على الحرمة (3).
وكيف كان: لا ينبغي الإشكال في حرمة الاحتكار حال ضرورة الناس، وحال الشدة والبلاء.