الانصراف، ورفع اليد عن ظهور الإشارة في المشار إليه الجزئي، وترجيح أحدهما على الآخر، غير ظاهر لو لم نقل: بترجيح عدم الانصراف في المثال الأول; فإن الحمل على الإشاعة، يحتاج إلى دلالة مفقودة في اللفظ، والحمل عليها; لأجل عدم تحقق مصداق الكلي بما هو.
وبعبارة أخرى: الحمل عليها بدلالة عقلية، لا يرجح على الحمل على مقابله.
ويمكن أن يقال بملاحظة الأشباه والنظائر: إن المستثنى منه نفس الخارج، والمستثنى كلي في المعين; بدعوى أن استثناء الكلي في المعين، لا يعد عرفا من المنقطع، ولا يكون مخالفا للظاهر في نظر العرف.
فلو أشار إلى قطيع غنم وقال: «بعتك هذا القطيع إلا واحدا منه» فلا مجال للحمل على الإشاعة; بمعنى استثناء مقدار واحد مشاع في الجميع، كما هو واضح، ولا على مصداق خارجي معين أو غيره، بل يحمل على عنوان كلي، قابل للانطباق على كل فرد فرد بدلا.
ولعل السر في عدم الانقطاع عرفا، هو أن اعتبار الكلي في المعين، يوجب نحو وحدة بينهما; بحيث لا يعد أحدهما غير الآخر في نظر العرف خارجا، ولو بنحو من المسامحة المغفول عنها.
وبالجملة: لا يرى العرف في قوله: «بعتك القطيع إلا واحدا منه» ارتكاب خلاف ظاهر، ولا يرونه مثل قوله: «جائني القوم إلا حمارا» فالاستثناء متصل عرفا أو كمتصل، لا يخالف الظاهر في نظرهم.
نعم، هنا إشكال آخر، وهو أن الاستثناء إخراج بعض ما ملكه للمشتري، لا تملك جزء بعد تمليك الجميع له، فضلا عن تملك كلي بعد تمليك الجميع.