مع أن ما ذكره لا يتم في الإطلاق أيضا; إذ ليس من مقدماته عدم الغلبة.
نعم، لو وصلت إلى حد الانصراف لتم ما ذكر، لكنها ليست كذلك في المقام.
والسر في أن الغلبة مانعة عن المفهوم، لا عن الإطلاق، أن المفهوم متوقف على دعوى أن القيد في الكلام - وصفا كان أم غيره - لا بد له من فائدة; صونا لكلام الحكيم، والفائدة هي دخالة القيد في الحكم، وعدم البديل له، وإذا كان لذكر القيد نكتة - ككونه قيدا غالبيا يتعارف التعبير عنه - فلا مفهوم له.
وأما الإطلاق فلا تضره الغلبة; لأن معناه أن ما أخذه المتكلم في موضوع حكمه، هو تمام الموضوع له بلا قيد، وغلبة الأفراد وعدمها - بل نفس الأفراد عند إلقاء الكلام - مغفول عنها; فإن الطبيعة المأخوذة في الكلام، لا تحكي عن الأفراد، بل لا يعقل أن تحكي عنها، فلا وجه لكون الغلبة مانعة عن الإطلاق، وحديث الانصراف أمر آخر ليس المقام مورده.
فتحصل: أن الغلبة مانعة عن المفهوم، دون الإطلاق.
وأما ما أفاده بعض آخر: من أنه على فرض تسليم عدم الغلبة، للمنع عن التقييد أيضا مجال; لأن التقييد في المثبتين منوط بما إذا كان المطلوب صرف الوجود، لا مطلق الوجود (1).
ففيه إشكال واضح; لأن التعارض بين مفهوم المرسلة (2) وسائر الروايات (3)، بالإثبات والنفي، فيكون من قبيل تقييد النافي للمثبت.