إن المتفاهم عرفا منه، أن ما هو تمام الموضوع في البطلان وعدم الصلوح، هو الجزاف، من غير دخالة للمقاولة السابقة، ولا لتطبيق الصبرة على الكيل، فالسبب التام بنظر العرف هو البيع جزافا.
نعم، يقع الكلام في نكتة ذكر تسمية الكيل، وهي تظهر بملاحظة صدرها; من فرض السائل الاشتراء بكيل معلوم، ثم أراد ابتياع سائر المتاع بلا كيل; باحتمال كون العدل الآخر مثله، فقوله (عليه السلام) هذا لمسبوقيته بقول السائل، لا لخصوصية أخرى.
وأما عدم الاتكال على قول البائع في المقام; فلأن إخباره - بحسب النوع في مثله - يكون عن حدس وتخمين; فإن الكيل والتعيين الدقيق في الأطعمة وغيرها، إنما هو عند البيع; إذ لا داعي لصاحبها في تحمل مشقة ذلك قبل عرض المبيع على المشتري، مع أن الغالب عدم الاتكال على قوله.
فقوله: «إن فيه مثل ما في الآخر» ليس إخبارا عن أنه كاله، بل هو إخبار بالتساوي حدسا، وهو غير مسموع.
مضافا إلى أن الظاهر من الكبرى التي في ذيلها، أنها منطبقة على المورد، فيستكشف منها أن المورد كان من الجزاف، لا من الاتكال على قول البائع في تعيين الكيل، فإنه ليس من الجزاف.
مع أن الظاهر أن ما رواه الحلبي، ليست روايات متعددة، بل رواية واحدة وقع فيها التقطيع، وقد ذكر في «الوسائل» (1) و «الفقيه» (2) «لا يصلح بيعه مجازفة» بزيادة لفظة «بيعه» فإن بنينا على وحدة الرواية، وأولوية السقوط